فأوقع بهم واستنقذ الأسرى من أيديهم واكتسح سائر مغانمهم وقتل فيها كثير من الملثمين ولحق فلهم بناحية طرابلس إلى أن كان من أمرهم ما نذكره ان شاء الله تعالى كان ابن غانية بعد واقعة أشير واستنقاذ أبى محمد تاهرت من يده خلص إلى جهة طرابلس وتلاحق به فل الملثمين وأولياؤه من العرب وكان المجلى معه في مواقف الزواودة من رياح وكبيرهم محمد بن مسعود فتآمروا واعتزموا على معاودة الحرب وتعاقدوا على الثبات والصبر وانطلقوا يستألفون الاعراب من كل ناحية حتى اجتمع إليهم من ذلك أمم كان فيهم رياح وزغب والشريد وعوف وذباب ونعات واحتفلوا في الاحتشاد وأجمعوا دخول إفريقية فبادرهم أبو محمد قبل وصولهم إليه وخرج من تونس سنة ست وأغذ السير إليهم وتزاحفوا عند جبل نفوسة واشتدت الحرب ولما حمى الوطيس ضرب أبو محمد أبنيته وفسطاطه وتحيز إليه بعض الفرق من بنى عوف بن سليم واختل مصاف ابن غانية واتبعه الموحدون إلى أن دخل في غيابات الليل وامتلأت أيديهم بالأسرى والغنائم وسيقت ظعائن العرب وقد كانوا قدموها بين أيديهم للحفيظة أفذاذا في الكر والفر فأصبحت مغنما للموحدين وربات خدورها سببا وهلك في المعركة خلق من الملثمين وزناتة والعرب وكان فيهم إليه بن محمد بن مسعود البلط بن سلطان شيخ الزواودة وابن عمه حركات بن الشيخ بن عساكر ابن السلطان وشيخ بنى قرة وجراز بن ويفرن كبير مغراوة ومحمد بن العاري بن غانية في آخرين من أمثالهم وانصرف ابن غانية مهيض الجناح مفلول الحد عفوفا بالياس من جميع جهاته وانقلب أبو محمد والموحدون أعزة ظاهرين واستفحل أمر أبى محمد بإفريقية وحسم عامة الفساد واستوفى جبايتها وطالت مواقف حروبه ولم تهزم له راية وهلك الناصر وولى ابنه يوسف المنتصر واستبد عليه المشيخة لمكان صغره وشغلوا بفتنة بنى مرين وظهورهم بالمغرب فاستكفى بالشيخ أبى محمد في إفريقية وعول على غنائه فيها وضبطه لأحوالها وقيامه بملكها فأبقاه على أعمالها وسرب إليه الأموال لنفقاتها وأعطياتها ولم يزل بها إلى أن هلك سنة ثمان عشرة والله أعلم * (الخبر عن مهلك الشيخ أبى محمد بن الشيخ أبى حفص وولاية عبد الرحمن ابنه) * كانت وفاة الشيخ أبى محمد فاتح سنة ثمان عشرة ولما هلك انباع الناس لمهلكه وافترق أمر الموحدين في الشورى فريقين ابنه عبد الرحمن بن الشيخ أبى محمد وإبراهيم ابن عمه إسماعيل ابن الشيخ أبى حفص فترددوا مليا ثم اتفقوا على الأمير أبى زيد عبد الرحمن ابنه وأعطوه صفقة ايمانهم وأقعدوه بمجلس أبيه في الامارة فسكن الثائرة وشمر للقيام
(٢٧٩)