صريخا سنة خمس وخمسين فلقاه مبرة ورحبا وأسنى جائزته وأحسن وعده وانكفأ راجعا عنه إلى وطنه ومر بالحاجب أبى عمر عند افراجه عن قسنطينة ولحق بأخيه بمكانه من قاصية إفريقية واتصلت أيديهما على طلب حقهما وفى خلال ذلك فسد ما بين أبى محمد بن تافراكين صاحب الامر بتونس وبين خالد بن حمزة كبير أولاد أبى الليل فعدل عنه إلى أقتاله وأولاد مهلهل واستدعاهم للمظاهرة فأقبلوا إليه وتحيز خالد إلى السلطان أبى العباس وزحفوا معه إلى تونس فنازلوها سنة ست وخمسين وامتنعت عليهم وأفرجوا عنها واستقدمه أخوه أبو زيد اثر ذلك لينصره من عساكر بنى مرين عند ما تكاتبوا عليه وضاق به الحصار فأجابه وقدم عليه بخالد وقومه وخرج الأمير أبو زيد مع خالد إلى منازلة تونس واستخلف على قسنطينة أخاه أبا العباس فدخلها ونزل بقصور الملك منها وأقام بها مدة وعساكر بنى مرين قد ملأت عليه الضاحية فدعاه الأول إلى الاستبداد وأنه أبلغ في المدافعة والحماية لما كانوا يتوقعون من زحف العساكر إليهم من بجاية فأجاب وبويع شهر من سنة ست وخمسين وانعقد أمره وزحف عبد الله بن علي صاحب بجاية إلى قسنطينة من سنته وفى سنة سبع بعدها فحاصره ونصب المجانيق ثم أجفل آخر الارجاف كما ذكرناه وتنفس مخنق الحصار عن قسنطينة وكان الأمير أبو زيد أخوه لما ذهب مع خالد إلى تونس ونازلها امتنعت عليه ورجع وقد استبد أخوه بأمر قسنطينة فعدل إلى بونة وأرسل أبا محمد بن تافراكين في سكنى الحضرة والنزول لهم عن بونة فأجابه ونزل عنها الأمير أبو زيد لعمه السلطان أبى اسحق وتحول إلى تونس فأوسعوا له المنازل وأسنوا الجرايات والجوائز وأقام في كفالة عمه إلى أن كان من أمره ما نذكره والله أعلم {الخبر عن واقعة موسى بن إبراهيم واستيلاء أبى عنان بعد على قسنطينة وما تخلل ذلك من الاحداث} لما استبد السلطان أبو العباس بالأمر وزحفت إليه عساكر بجاية وبنى مرين فأحسن دفاعها عن بلده وتبين لأهل الضاحية مخايل الظهور فيه فداخله رجالات من سدويكش من أولاد المهدى بن يوسف في غزو موسى بن إبراهيم وكتائبه المجمرة ببني ياورار ودعوا إلى ذلك ميمون بن علي بن أحمد وكان منحرفا عن أخيه يعقوب ظهير بنى مرين ومناصحهم فأجاب وسرح السلطان أخاه أبا يحيى زكريا بينهم عن في جملته من العساكر وصبحوهم في غارة شعواء فلما شارفوهم ركبوا إليهم فتقدموا ثم أحجموا واختل مصافهم وأحيط بهم وأثخن قائد العسكر موسى بن إبراهيم بالجراحة واستلحم بنوه زيان وأبو القاسم ومن إليهم وكانوا أسود هياج وفرسان ملحمة في آخرين من أمثالها
(٣٧٠)