أبو العباس فنهض إليه ثانية بنفسه في العساكر وتراجع العرب من أولاد سباع بن يحيى وجمع هو أولاد محمد وزحف فيهم وفى عسكر من زناتة والتقى الفريقان بناحية سطيف فاختل مصاف أهل بجاية وانهزموا واتبعهم السلطان أبو العباس إلى تاكرارت وجال في عمله ووطئ نواحي وطنه وقفل إلى بلده ودخل الأمير أبو عبد الله إلى بجاية وقد استحكمت النفرة بينه وبين أهل بلده فدسوا إلى السلطان أبى العباس بقسنطينة بالقدوم عليهم فوعدهم من العام القابل وزحف سنة سبع وستين في عساكره وشيعته من الزواودة أولاد محمد وانضوى إليه أولاد سباع بشيعة بجاية بالجوار والسابقة القديمة لما نكروا من أحوال سلطانهم وعسكر الأمير أبو عبد الله بليزوا في جمع قليل من الأولياء وأقام بها يرجو مدافعة ابن عمه بالصلح فبيته السلطان بمعسكره من ليزوا وصبحه في غارة شعواء فانفض جمعه وأحيط به وانتهب المعسكر وفر إلى بجاية فأدرك في بعض الطريق وتقبض عليه وقتل قعصا بالرماح وأغذ السلطان أبو العباس السير إلى بجاية فأدرك بها صلاة الجمعة تاسع عشر شعبان من سنة سبع وستين وكنت بالبلد مقيما فخرجت في الملا وتلقاني بالمبرة والتنويه وأشار إلى بالاصطناع واستوسق له ملك جده الأمير أبى زكريا الأوسط في الثغور النبوية وأقمت في خدمته بعض شهر ثم توخمت الحنقة في نفسي وأذنته في الانطلاق فأذن لي تكرما وفضلا وسعة صدر ورحمة ونزلت على يعقوب بن علي ثم تحولت عنه إلى بسكرة ونزلت على ابن موسى إلى أن صفا الجو واستقبلت من أمرى ما استدبرت واستأذنته لثلاث عشرة سنة من انطلاقي عنه في خبر طويل نقصه من شأني فأذن لي وقدمت عليه فقابلتني وجوه عنايته وأشرقت على أشعة نجعته كما نذكر ذلك من بعد أن شاء الله تعالى {الخبر عن زحف حمو وبنى عبد الواد إلى بجاية ونكبتهم عليها وفتح تدلس من أيديهم بعدها} كان الأمير أبو عبد الله صاحب بجاية لما اشتدت الفتنة بينه وبين عمه السلطان أبى العباس مع ما كان بينه وبين بنى عبد الواد من الفتنة عند غلبه إياهم على تدلس يكابد حمل العداوة من الجانبين وصغا إلى مهادنة بنى عبد الواد فنزل لهم عن تدلس وأمكن منها قائد العسكر المحاصر لها وأوفد رسله على سلطانهم أبى حمو بتلمسان وأصهر إليه أبو حمو في ابنته فعقد له عليها وزفها إليه بجهاز أمثالها فلما غلبه السلطان أبو العباس على بجاية وهلك في مجال حربه أشاع أبو حمو الامتعاض له لمكان الصهر وجعلها ذريعة إلى الحركة على بجاية وزحف من تلمسان يجر الشوك والمدر في آلاف من قومه وطبقات العساكر والجند وتراجع العرب حتى انتهى إلى وطن حمزة فأجفل أمامه أبو الليل
(٣٧٩)