بأنفسهم ونجا ثابت بن محمد مقدمهم إلى حلة الجوار في اعراب وطنها من ذئاب احدى بطون بنى سليم فقتل لدم كان أصابه منهم ولحق أخويه بالإسكندرية واستباحها النصارى واحتملوا في سفنهم ما وجدوا بها من الخرثى والمتاع والعقائل والأسرى وأقاموا بها وداخلهم أبو العباس بن مكي صاحب قابس في فدائها فاشترطوا عليه خمسين ألفا من الذهب العين فبعث فيهم لملك المغرب السلطان أبى عنان يطرفه بمثوبتها ثم تعجلوا عليه فجمع ما عنده واستوهب ما بقي من أهل قابس والجامه وبلاد الجريد فجمعوها له حسبة ورغبة في الخير وأمكنه النصارى من طرابلس فملكها واستولى عليها وأزال ما دنسها من وضر الكفر وبعث السلطان أبو عنان بالمال إليه وأن يرد على الناس ما أعطوه وينفرد بمثوبتها وذكرها فامتنعوا الا قليلا منهم ووضع المال عند ابن مكي لذلك ولم يزل ابن مكي أميرا عليها إلى أن هلك كما نذكره في أخبارهم ان شاء الله تعالى {الخبر عن بيعة السلطان أبى العباس أمير المؤمنين ومفتتح أمره السعيد بقسنطينة} كان الأمير أبو زيد قد ولى الامر من بعد أبيه الأمير أبى عبد الله بولاية جده الخليفة أبى بكر وكان اخوته جميعا في جملته ومنهم السلطان أبو العباس أمير المؤمنين لهذا العهد والمنفرد بالدعوة الحفصية من لدن مهلك أبيهم يرون أن الوراثة لهم وأن الامر فيهم حتى لقد يحكى عن شيخ وقته الولي أبى هادي المشهور الذكر وكان من أهل المكاشفة أنه قال ذات يوم وقد جاؤوا لزيارته بأجمعهم على طريقهم وسنن أسلافهم في التبرك بالأولياء فدعا لهم الشيخ ما شاء الله ثم قال البركة ان شاء الله في هذا العش وأشار إلى الاخوة مجتمعين وكان الحذاق والمنجمون أيضا يخبرون بمثلها ويحومون بوطنهم على أبي العباس منهم لما يتفرسون فيه من الشواهد والمخايل فلما كان من منازلة أخيه أبى زيد بتونس سنة ثلاث وخمسين ما قدمناه ثم ارتحل عنها إلى نفطة وأراد الرجوع إلى قسنطينة للارجاف يسائل السلطان أبا عثمان وانه زحف إلى آخر عمله من تخوم بجاية رغب إليه حينئذ أولاد مهلهل أولياؤه من العرب وشيعته وصاحبه أبو العباس بن مكي صاحب عمل قابس وحرمه أن يستعمل عليهم من اخوته من يقيم معهم لمعاودة تونس بالحصار فسرح أخاه مولانا العباس فتخلف معهم لذلك وفى جملته شقيقه أبو يحيى فأقاما بقابس وكان صاحب طرابلس محمد بن ثابت قد بعث أسطوله لحصار جربة فدخل الأمير أبو العباس بمن معه الجزيرة وخاضوا إليها البحر فأجفل عسكر ابن ثابت وأفرجوا عن الحصن ثم رجع السلطان إلى قابس وزحف العرب أولاد مهلهل إلى تونس وحاصروها أياما فامتنعت عليهم ورجع إلى أعمال الجريد وأوفد أخاه أبا يحيى زكريا على السلطان
(٣٦٩)