واتخذ السير إلى تونس قرير العين بامتداد ملكه وبلوغ وطره والاشراف على اذعان المغرب لطاعته وانقياده لحكمه وإدالة دعوة بنى عبد المؤمن فيه بدعوته فدخل الحضرة واقتعد أريكته وأنشده الشعراء بالفتح وأسنى جوائزهم وتطاولت إليه أعناق الآفاق كما نذكره والله أعلم {الخبر عن دخول أهل الأندلس في الدعوة الحفصية ووصول بيعة إشبيلية وكثير من أمصارها} كان بإشبيلية أبو مروان أحمد الباجي من أعقاب أبى الوليد وأبو عمرو بن الجد من أعقاب الحافظ أبى بكر الطائر الذكر ورثوا التجلة عن جدهم وأجراهم الخلفاء على سننهم وكانا مسمتين متبوعين من أهل بلدهما ومطاعين وجاء أبو القاسم في جملة الأمير زكريا وأوصى به ابنه إلى أن حدثته نفسه بالتوثب والخروج وخامره الرعب من إشاعة تناقلها الدهماء سببها أن السلطان استحدث احداث الفلوس من النحاس مقدرة على سكته من الفضة حاكى بها سكة الفلوس بالمشرق تسهيلا على الناس في المعاملات بأسواقهم وتيسير الاقتضاء حاجاتهم ولما كان لحق سكة الفضة من غش اليهود المتناولين لصرفها وصوغها وسمى سكته التي استحدثها بالحندوس ثم أفسدها الناس بالتدليس وضربها أهل الرتب ناقصة من الوزن وفشا فيها الفساد واشتد السلطان في العقوبة عليها فقطع وقتل وصارت ريبة لمن تناولها وأعلن الناس بالنكير في شأنها وتنادوا بالسلطان في قطعها وكثر الخوض في ذلك وتوقعت الفتنة وأشيع من طريق الحدثان الذي تكلف به العامة ان الخارج الذي يثير الفتنة هو قاسم بن أبي زيد فأزال السلطان تلك السكة وعفا عنها وهمه شأن أبى القاسم ابن عمه وبلغه الخبر فخامره الرعب إلى ما كان يحدث نفسه بالخروج ففر من الحضرة سنة احدى وستين ولحق برياح ونزل على أميرهم شبل بن موسى بن محمد رئيس الزواودة فتابع له زمام أمره ثم بلغه اعتزام السلطان على النهوض إليه فخشى بادرته واضطرب أمر العرب من قبيله ولما أحس أبو القاسم باضطرابهم وخشى أن يسلموه إذا أرادهم السلطان عليها تحول عنها ولحق بتلمسان وأجاز البحر منها إلى الأندلس وصحب الأمير أبا إسحاق ابن عمه في مثوى اعتزامهما بالأندلس ثم ساءت أفعاله وعظم استئثاره وفشا النكر عليه من الدولة فلحق بالمغرب وأقام بتينملل مدة ثم رجع إلى تلمسان وبهامات وقام الأمير أبو اسحق بمكانه من جوار ابن الأحمر إلى أن كان من امره ما نذكره ان شاء الله تعالى * (الخبر عن خروج السلطان إلى المسيلة) * لما اتصل بالسلطان شأن قاسم ابن عمه أبى زيد وفصاله من رياح إلى المغرب بعد عقدهم
(٢٨٨)