يغمراسن بعث إلى يوسف بن يعقوب عدوهم وحرضه على بجاية ونواحيها وسفر له في ذلك رئيس الموحدين أبا عبد الله بن الكجار من أولى سفارته ثم سفر ثانية سنة ثلاث وسبعمائة بهدية ضخمة فأغرب فيها بسرج وسيف ومهماز من الذهب من صنعة الحلي الفاخر من حصى الياقوت والجوهر ورافقه في هذه السفارة الثانية وزير الدولة أبو عبد الله بن يرزكين ورجع بهدية ضخمة من يوسف بن يعقوب كان من جملتها ثلاثمائة من البغال واتصلت المخاطبات والسفارات والهدايا والملاطفات وكان يوسف ابن يعقوب يكاتب السلطان في تلك الشؤون تعريضات ويكاتب رئيس الموحدين ابا يحيى اللحياني وتردد عساكر بنى مرين إلى نواحي بجاية إلى أن هلك يوسف بن يعقوب كما يأتي في أخباره ان شاء الله تعالى {الخبر عن مقتل هداج وفتنة الكعوب وبيعتهم لابن أبي دبوس وما كان بعد ذلك من نكبتهم} كان هؤلاء الكعوب قد عظمت ثروتهم واصطناعهم منذ قيامهم بأمر الأمير أبى حفص فعمروا ونموا وبطروا النعمة وكثر عينهم وفسادهم وطال اضرارهم بالسابلة وحطمهم للجنات وانتهابهم الزرع فاضطغن لهم العامة وحقدوا عليهم سوء آثارهم ودخل رئيسهم هداج بن عبيد سنة خمس وسبعمائة إلى البلد فحضرته العيون وهمت به العامة وحضر المسجد لصلاة الجمعة فتجنوا عليه بأنه وطئ المسجد بخفيه وقال لم أنكر على ذلك انى أدخل مجلس السلطان بهما فنادوا به عقب الصلاة وقتلوه وجروا شلوه في سكك المدينة فزاد عينهم واجلابهم على السلطان واستقدم أحمد بن أبي الليل شيخ الكعوب لذلك العهد عثمان بن أبي دبوس من مكانه نواحي طرابلس ونصبه للامر وأجلب بعد على الحضرة فلم يزالا وخرج إليهم الوزير أبو عبد الله بن يرزكين في العساكر فهزمهم وسار بالعسكر لتمهيد الجهات وتسكين ثائرة العرب فوفد عليه أحمد بن أبي الليل ومعه سليمان من رجالات هوارة بعد أن راجع الطاعة وصرف ابن أبي دبوس إلى مكانه فتقبض عليهما وبعث بهما إلى الحضرة فلم يزالا معتقلين إلى أن هلك أحمد بمحبسه سنة ثمان وقام بأمر الكعوب محمد بن أبي الليل ومعه حمزة ومولاهم ابن أخيه عمر رديفين لهم خرج الوزير بعساكره سنة سبع واستوفد مولاهم ابن عمرو تقبض عليه وبعث به إلى الحضرة فاعتقل معه عمه أحمد وجاهر أخوه حمزة بالخلاف واتبعه عليه قومه فكثر عينهم وأضروا الرعايا وكثرت الشكاية من العامة ولغطوا بها في الأسواق وتصايحوا ثم نفر إلى باب يريدون الثورة فسد الباب دونهم فرموا بالحجارة وهم في ذلك يعتدون ما نزل بهم عند الحاجب ابن الدباغ ويطلبون شفاء صدورهم بقتله ورفع أمرهم الحاجب واستلحمهم
(٣١٤)