ودانوا قسنطينة ومن بها من الحروب والحصار نصب المولى أبو زيد هذا الموسوس أبا عمر ليجأجئ به رجالات بنى مرين أهل العسكر ببجاية وبنى ياورار وجهز له الآلة وتسامعوا بذلك ففزع إليهم الكبير منهم وخرج نبيل حاجب الأمير أبى زيد إلى أهل صنهاجة من بونة ومن كان على دعوته من سدويكش والزواودة فجمعهم وزحفوا جميعا إلى وطن بجاية واتصل الخبر بالحاجب ببجاية فبعث في الزواودة من مشاتيهم بالصحراء فأقبلوا إليه حتى نزلوا التلول ووفد عليه أبو دينار بن علي بن أحمد واستحثه للحركة على قسنطينة فاعترض عساكره وأزاح عللهم وخرج من بجاية في ربيع من سنة خمسين فكر أبو عمر ومن معه راجعين إلى قسنطينة وزحف الحاجب فيمن معه من بنى مرين والزواودة وسدويكش ولقيهم نبيل الحاجب بمن معه فكانت عليه الدبرة واكتسحت أموال بونة ورجع ابن أبي عمر بعساكره إلى قسنطينة فأناخ عليها سبعا ثم ارتحل عنها إلى ميلة وعقد يعقوب بن علي بين الفريقين صلحا على أن يمكنوه من أبى عمر الموسوس فبعثوا به إلى أخيه السلطان أبى عنان فأنزله ببعض الحجر ورتب عليه الحرس وسار الحاجب في نواحي أعماله وانتهى إلى المسيلة واقتضى مغارمها ثم انكفأ راجعا إلى بجاية وملكها فاتح سنة ست وخمسين وزحف إلى قسنطينة فحاصرها وامتنعت عليه فرجع إلى بجاية ثم زحف من العام المقبل سنة سبع وخمسين كذلك ونصب عليها المجانيق فامتنعت عليه وأرجف في عسكره بموت السلطان فانفضوا وأحرق بمجانيقه ورجع إلى بجاية وعمر الكتائب ببني ياورار لنظر موسى بن إبراهيم اليرنياني عامل سدويكش إلى أن كان من الايقاع به وبعسكره ما نذكر ان شاء الله تعالى والله أعلم * (الخبر عن حادثة طرابلس واستيلاء النصارى عليها ثم رجوعها إلى ابن مكي) * كانت طرابلس هذه ثغرا منذ الدول القديمة وكان لهم عناية بحمايتها لما كان وضعها في البسيط وكان ضواحيها قفرا من القبائل فكان النصارى أهل صقلية كثيرا ما يحدثون أنفسهم بملكها وكان ميخاييل الأنطاكي صاحب أسطول زجار قد تملكها من أيدي بنى حزروق من مغراوة آخر دولتهم ودولة صنهاجة كما ذكرنا ثم رجعها ابن مطروح ودخلت في دعوة الموحدين ومرت عليها الأيام إلى أن استبد بها ابن ثابت ووليها من بعده ابنه في أعوام خمسين وسبعمائة منقطعا عن الحضرة ومقيما رسم الدعوة وكان تجار الجوينيين يترددون إليها فاطلعوا على عوراتها وائتمروا في غزوها واتعدوا لمرساها فوافوه سنة خمس وخمسين وانتشروا بالبلد في حاجاتهم ثم بيتوها ذات ليلة فصعدوا أسوارها وملكوها عليهم وهتف هاتفهم بالحرب وقد لبسوا السلاح فارتاعوا وهبوا من مضاجعهم فلما رأوهم بالأسوار لم يكن همهم الا النحاة
(٣٦٨)