{الخبر عن دولة بنى أبى العافية ملوك تسول من مكناسة وأولية أمرهم وتصاريف أحوالهم} كان مكناسة من أهل مواطن ملوية وكرسيف ومليلة وما إليها من التلول بنواحي تازا وتسول والكل يرجعون في رياستهم إلى بنى أبى باسل بن أبي الضحاك بن أبي نزول وهم الذين اختطوا بلد كرسيف ورباط تازا ولم يزالوا على ذلك من أول الفتح وكانت رياستهم في المائة الثالثة لمصالة بن حبوس وموسى بن أبي العافية بن أبي باسل واستفحل أمرهم في أيامه وعظم سلطانهم وتغلبوا على قبائل البربر بأنحاء تازا إلى الكاى وكانت بينهم وبين الأدارسة ملوك المغرب لذلك العهد فتن وحروب وكانوا يقتلونهم على كثير من ضواحيها لما كان نزل بدولتهم من الهرم ولما استولى عبيد الله على المغرب واستفحل أمره كانوا من أعظم أوليائه وشيعه وكان مصالة بن حبوس من أكبر قواده لانحياشه إليه وولاه على مدينة تاهرت والمغرب الأوسط ولما زحف مصالة إلى المغرب الأقصى سنة خمس وثلثمائة واستولى على فاس وعلى سجلماسة وفرغ من شأن المغرب واستنزل يحيى بن إدريس من امارته بفاس إلى طاعة عبيد الله وأبقاه أميرا على فاس عقد حينئذ لابن عمه موسى بن أبي العافية آمير مكناسة على سائر ضواحي المغرب وأمصاره مضافة إلى عمله من قبل تسول وتازا وكرسيف وقبل مصالة إلى القيروان وقام موسى بن أبي العافية بأمر المغرب وناقضه يحيى بن إدريس صاحب فاس لما يظعن له من المظاهرة عليه فلما عاود مصالة غرق المغرب سنة تسع أنزل ابن أبي العافية يحيى بن إدريس فتقبض عليه واستصفاه وطرده عن عمله فلحق ببني عمه بالبصرة والريف وولى مصالة على فاس ريحان الكتامي وقفل إلى القيروان فهلك وعظم ملك ابن أبي العافية بالمغرب ثم ثار بفاس سنة ثلاث عشرة الحسن بن محمد بن القاسم بن إدريس وكان مقداما شجاعا وتلفت لطعنه في المحاجر دخل فاس على حين غفلة من أهلها وقتل ريحان واليها واجتمع الناس على بيعته ثم خرج لقتاله ابن أبي العافية فتزاحفوا لحفص بفحص إذا ماد بين تازا وفاس ويعرف لهذا العهد بوادي المطاحن واشتدت الحرب بينهم وهلك منهال بن موسى بن أبي العافية في الفتن من مكناسة ثم كانت العاقبة لهم وانفض عسكر الحسن ورجع مفلولا إلى فاس فغدر به عامله على عدوة القرويين حامد ابن حمدان الهمداني واستمكن من عاقله واستحث ابن أبي العافية للقدوم وأمكنه من البلد وزحف إلى عدوة الأندلس فملكها وقتل عاملها عبد الله بن ثعلة بن محارب ابن محمود وولى مكانه أخاه محمدا وطالب حامدا بصاحبه الحسن فدس إليه حامد بالفرار تجافيا عن دعاء أهل البيت وتدلى الحسن من السور فسقط وانكسر ساقه
(١٣٤)