بها إلى السلطان ومرات بمصانعة العرب على الارجاف بمعسكره وكان ابن اليالقي يغص بمكانه عند السلطان فلما اشتد على ابنه أعظم فيه السعاية وتقبض عليه وأودعه السجن مع محمد بن علي بن رافع ثم بعث عليهما من داخلهما في الفرار من الاعتقال حتى دبروه معه وظهر على أمرهما فقتلهما في محبسهما خنقا والله متولى الجزاء منه وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ثم أظهر ابن اليالقي من سوء سيرته في الناس وجوره عليهم وعسفه بهم وانتزاع أموالهم وإهانة سبال الاشراف منهم ما نقموه وضرعوا إلى الله في انقاذهم من ملكته فكان ذلك على يد مولانا السلطان أبى العباس كما نذكر ان شاء الله تعالى {الخبر عن فتح تونس واستيلاء السلطان عليها واستبداده بالدعوة الحفصية في سائر عمالات إفريقية وممالكها} لما هلك السلطان أبو اسحق صاحب الحضرة سنة سبعين كما قدمنا وقام بالأمر مولاه منصور سريحة وصاحبه اليالقي ونصبوا ابنه الأمير خالدا للامر صبيا لم يناهز الحلم غرا فلم يحسنوا تدبير أمره ولا سياسة سلطانه واستخلصوا لوقتهم منصور بن حمزة أمير بنى كعب المتغلبين على الضاحية ثم أطمعوه بسوء تدبيرهم في شركته لهم في الامر ثم قلبوا له ظهر المجن فسخطهم ولحق بالسلطان أبى العباس وهو مطل عليهم برقبة من الثغور الغربية مستجمع للتوثب بهم فاستحثه لملكهم وحرضه على تلافى أمرهم ورم ما تثلم من سياج دولتهم وكان الأحق بالأمر لشرف نفسه وجلالته واستفحال ملكه وسلطانه وشياع الحديث على عدله ورفعته وجميل سيرته ولما أن أهل مملكته نظروا لعقب نظره فيهم واستبداد سواه عليهم فأجاب صريخه وشمر للنهوض عزمه وكان أهل قسنطينة قد بعثوا بمثل ذلك فسرح إليهم أبا عبد الله بن الحاجب أبى محمد بن تافراكين لاستخبار طاعتهم وابتلاء دخلتهم فسار إليهم واقتضى سمعهم وطاعتهم وسارع إليها يحيى ابن يملول مقدم توزر والخلف بن الخلف مقدم نفطة فآتوها طواعية وانقلب عنهم وقد أخذوا بدعوة السلطان وأقاموها في أمصارهم ثم خرج السلطان من بجاية في العساكر وأغذ السير إلى المسيلة وكان بها إبراهيم ابن الأمير أبى زكريا الأخير فأجابه أولاد سليمان بن علي من الزواودة من مثوى اغترابه بتلمسان ونصبوه لطلب حقه في بجاية من بعد أخيه الأمير أبى عبد الله وكان ذلك بمداخلة من أبى حمو صاحب تلمسان ومواعيد بالمظاهرة مختلفة فلما انتهى السلطان إلى المسيلة نبذوا إلى إبراهيم عهده وتبرؤا منه ورجعوا من حيث جاؤوا وانكفأ السلطان راجعا إلى بجاية ثم نهض منها إلى الحضرة وتلقته وفود إفريقية جميعا بالطاعة وانتهى إلى البلد فخيم بساحتها
(٣٨٢)