رياسة مقدمه كما كان ثم وفدوا على السلطان أبى الحسن عند رجعته إلى إفريقية ولقوه بوهران فلقاهم مبرة وتكرمة ورجع كل إلى بلده وحمل رياسته بعد أن امتحن الجزيرة ووفر الاسهام والاقطاع وأنفذ الصكوك والكتب فرجع إلى توزر يحيى بن محمد ابن أحمد بن يملول صبيا مغتلما والى نفطة علي بن الخلف والى قفصة أحمد ابن عمه ابن العابد ونزل كل واحد من هذه الأمصار عاملا وحامية وعقد على الجريد كله لمسعود بن إبراهيم ابن عيسى اليرناني من طبقة وزرائه واستوصى بهؤلاء الرؤساء خيرا في جواره حتى إذا كانت نكبة السلطان بالقيروان سنة تسع وأربعين وارتحل عامل الجريد مسعود بن إبراهيم ونزل المغرب بمن معه من العمال والحامية ونمى خبره إلى الاعراب من كرفة فصبحوه في بعض مراحل سفره دون أرض الزاب فاستلحموه ومن كان معه من الحامية واستولوا على أفنيتهم وذخيرتهم وكراعهم واستبد رؤساء تلك البلاد بأمصارهم وعادوا إلى دينهم من التمريض وآذنوا بالدعاء لصاحب الحضرة بمنابرهم واستمروا على ذلك فأما يحيى بن محمد بن يملول فنزع إلى مناغاة الملوك في الشارة والحجاب واتخاذ الآلة والبيت المعمور للصلاة واقتعاد الأريكة وخطاب السمر بل وفسح للمجون والعكوف على اللذات مجالا يرى ان جماع السياسة والملك في إدارة الكاس وافتراش الآس والحجبة عن الناس والتأله على الندمان والجلاس وفتح مع ذلك على رعيته وأهل إيالته باب العسف والجور ورعى بيت المشاهير منهم غيلة فأتلفت نفوسهم وامتد أمره في ذلك إلى أن استولى السلطان أبو العباس على إفريقية وكان من أمره ما نذكر وأما جاره الجنب علي بن الخلف فلم يلبث لما استبد برياسته أن حج سنة أربع وستين والتزم مذاهب الخير وطرق الرضا والعدالة وهلك سنة خمس بعد وولى مكانه ابنه محمد جاريا على سننه ثم هلك لسنة من ولايته وقام بأمره أخوه عبد الله بن علي فأذكى سياسته وأوقع حزمه وأرهف للناس حده فنقموا عليه سيرته وتسنموا عنقه واستمكن مناهضهم في الشرف ومجاذبهم في رياسة البلد القاضي محمد بن خلف الله من صاحب الحضرة بذمة كانت له في خدمته قديما واستعمله لرعيها في خطة القضاء بحضرته وآثره بالمكان منه والصحبة فسعى بعبد الله هذا عند الخليفة ودله على مكامن هلكته وبصره بعورات بلده واقتياد عساكر السلطان إليه في زمامه ولما احتل بظاهر البلد وعبد الله رئيسها أشد ما كان قوة وأكثر جمعا وأمضى عزما استألف أخوه الخلف بن علي بن الخلف جماعة المشيخة دونه وحرضهم عليه وداخل القاضي بتبييتها وأنه بالمرصاد في اقتحامها حتى إذا كانت البيعة دس إلى بعض الأوغاد في قتل أخيه عبد الله ومكر بالقاضي والعسكر وامتنع عليهم واعتصم دونهم واستقل برياسة بلده وأقام على ذلك يناغي ابن يملول في سيره
(٤١٦)