ألفا كلهم راجلين الا أربعمائة فارس واحتفل علي بن يوسف الاحتشاد وبرز إليهم لأربعين من نزولهم خرج عليهم من باب ايلان فهزمهم وأثخن فيهم قتلا وسبيا وفقد البشير من أصحابه واستحر القتل في هيلانة وأبلى عبد المؤمن في ذلك اليوم أحسن البلاء وكانت وفاة المهدى لأربعة أشهر بعدها وكان يسمى أصحابه بالموحدين تعريضا بلمتونة في أخذهم بالعدول عن التأويل وميلهم إلى التجسيم وكان حصورا لا يأتي النساء وكان يلبس العباءة المرقعة وله قدم في التقشف والعبادة ولم تحفظ عنه فلتة في البدعة الا ما كان من وفاقه الامامية من الشيعة في القول بالامام المعصوم والله تعالى أعلم {الخبر عن دولة عبد المؤمن خليفة المهدى والخلفاء الأربعة من بنيه ووصف أحوالهم ومصاير أمورهم} لما هلك المهدى سنة ثنتين وعشرين كما ذكرناه وقد عهد بأمره من بعده لكبير صحابته عبد المؤمن بن علي الكومي المتقدم ذكره ونسبه عند ذكر قومه فقبره بمسجده لصق داره من تينملل وخشى أصحابه من افتراق الكلمة وما يتوقع من سخط المصامدة ولاية عبد المؤمن بن علي لكونه من غير جلدتهم فأرجأوا الامر إلى أن يخالط بشاش الدعوة قلوبهم وكتموا موته زعموا ثلاث سنين يموهون عرضه ويقيمون سنته في الصلاة والحزب الراتب يدخل أصحابه إلى البيت كأنه اختصهم بعبادته فيجلسون حوالي قبره ويتفاوضون في شؤونهم ثم يخرجون لانفاذ ما رموه ويتولاه عبد المؤمن بتلقينهم حتى إذا استحكم أمرهم وتمكنت الدعوة من نفوس كافتهم كشفوا جسد القناع عن حالهم وتمالأ من بقي من العشرة على تقديم عبد المؤمن وتولى كبر ذلك الشيخ أبو حفص وأراد هنتاتة وسائر المصامدة غلبه فأظهروا للناس موت المهدى وعهده لصاحبه وانقياد بقية أصحابه لذلك وروى يحيى بن يعمور انه كان يقول في دعائه اثر صلواته اللهم بارك في الصاحب الأفضل فرضى الكافة وانقادوا وأجمعوا على بيعته بمدينة تينملل سنة أربع وعشرين فقام بأمر الموحدين وأبعد في الغزوات فصبح نادلا وأقام بها وأصاب منهم ثم غزا درعه واستولى عليها سنة ست وعشرين ثم غزا تاسعون وافتتحها وقتل واليها أبا بكر بن مازرو ومن كان معه من قومه غمارة بنى وزار وبنى مرزع ثم تسابق الناس إلى دعوتهم أفواجا وانتقض البرابر في سائر أقطار المغرب على لمتونة فسرح علي بن يوسف ابنه تاشفين لقتالهم سنة ثلاث وستين فجاءهم من ناحية أرض السوس وأحشد معه قبائل كزولة وجعلهم في مقدمته فلقيهم الموحدون بأوائل حفلهم وهزموهم ورجع تاشفين ولم يلق حربا ودخل كزولة من بعدها في دولة الموحدين وأجمع عبد المؤمن على غزو بلاد المغرب فغزا غزاته الطويلة منذ سنة أربع وثلاثين إلى سنة احدى وأربعين
(٢٢٩)