ممتنعا سائر أيامه على الدولة والعساكر من بجاية تتردد لمنازلته إلى أن هلك سنة خمس وعشرين وسبعمائة وقام بأمره من بعده ابنه عبد الواحد فعقد له السلطان على عمل أبيه بالزاب واستضاف إليه ما وراءه من البلاد الصحراوية قرى ريغة وواركلى وكان السلطان قد عقد على الثغر بعد مهلك ابن عمر لمحمد بن أبي الحسين بن سيد الناس وجعل له كفالة ابنه يحيى ودفعه إليه فتجددت الوحشة بين عبد الواحد هذا وبين صاحب الثغر في سبيل المنافسة في المرتبة عند السلطان بما كانوا جميعا صنائع وبطانة للحاجب ابن عمر وبعث العساكر لحربه ومنازلة حصنه وناول عبد الواحد هذا لآل زيان الحائفين الدولة طرفا من حبل طاعته فقبل فيها مذهب ابنه آخر عمره وصار يحرض الجيوش به إلى أن استجن منه عبد الواحد بصهر عقده له على ابنته واشترط المهادنة وتسليم الجباية وتودع أمره إلى أن اغتاله أخوه يوسف سنة تسع وعشرين بمداخلة بطانتهم من بنى سماط وبنى أبى كواية ولما أحكم مداخلتهم في شأنه آذنه عشاء للشورى معه في بعض المهمات وطعنه بخنجره فأشواه وهلك لحينه واستقل يوسف بن منصور بامارة الزاب ووصله مرسوم السلطان بالتقليد والخلع على العادة واجري الرسم في الدعاء له على منابر عمله وكان السلطان قد استدعى محمد بن سيد الناس من الثغر ببجاية وفوض له أمور ملكه فهاجت نار العداوة والإحن القديمة بما بينه وبين يوسف بن منصور عامل الزاب وهم به لولا ما أخذ بحجزته من الشغل الشاغل للدولة بتحيف آل زيان وهلك الحاجب سنة ثنتين وثلاثين في نكبة السلطان إياه كما ذكرناه وعقد لمحمد بن الحكيم على القيادة وجعل بيده زمام العساكر وفوض له في سائر القرى والضواحي فاجرى رياسته وحكمه في دولته وتغلب على أمره على حين فرغ السلطان من الشغل بمدافعة عدوه وحط ما كان من أمرهم على كاهل دولته ونهض السلطان أبو الحسن إلى آل يغمراسن فقلم أظفار اعتدائهم وقد شبا عزائمهم كما شرحنا قبل فأذكى القائد محمد بن الحكيم مع يوسف ابن منصور نار العداوة وأثار له من السلطان كامن الحفيظة وصرف وجوه العزائم إلى حمله على الجادة وتقويمه عن المراوغة في الطاعة وناهضه بالعساكر مرات ثلاثا يدافعه في كلها بتسليم الجباية إليه ثم كانت بينه وبين علي بن أحمد كبير الزواودة فتن وحروب دعا إليها منافسة على في استئثاره على الجباية دونه فواضعه الحرب ودعا العرب في منازلته مموها بالدعاء على السنة وحشد أهل ريغة لذلك ونازله وانحرف عنه ابنه يعقوب ودخل إلى بسكره فأصهر له ابن مزنى في أخته بنت منصور ابن فضل وعقد له عليها فحسن دفاعه عنه وبعث ابن مزنى عن سليمان بن علي كبير أولاد سباع وقريع علي بن أحمد في شؤونه فكان عنده ببسكرة يغاديه القتال
(٤٠٩)