وتدويخه لفاصيتهم فداخلوا عثمان بن يغمراسن في منازلة معقله بعد بجاية ليردوه على عقبه عنهم فزحف إلى بجاية سنة ست وثمانين ونازلها أياما وامتنع عليه سائر ضواحيها فلم يظفر بأكثر من الاطلال عليها وانكفأ الأمير أبو زكريا راجعا إلى بجاية سنة ست وثمانين إلى أن كان من أمره ما سنذكره ان شاء الله تعالى * (الخبر عن فاتحة استبداد أهل الجزيرة) * كان بعض الأيام بين سداده وكثومه من عمل تقويس فتنة قتل فيها ابن شيخ سداده وأقسم ليثأرن فيه بشيخ كثومة نفسه وكان عامل توزر محمد بن أبي بكر التينملل من مشيخة الموحدين فتذمم شيخ كثومة وبذل له مالا على نصره من عدوه فكاتب الحضرة وأعلن بالخلاف أهل اسواد واحتشد لهم أهل نفطة وتقيوس وخرج في حشد أهل توزر وغزاهم في بلدهم ولاذ باعطاء الرهن وبذل المال فلم يقبل فأمدهم أهل نفزاوة وزحفوا إليه فانهزمت جموعه وأثخنوا فيهم قتلا وأسرا إلى توزر وذلك سنة ست وثمانين ثم عاود غزوهم عقب ذلك ففتحوا عليه ثم عقد لهم سلما على الوفاء بمغارمهم واشترطوا أن لا حكم عليهم في سواها وان رؤساء نفزاوة منهم فأمضى شرطهم وكان أول استبداد أهل الجريد كما نذكره ان شاء الله تعالى كان أبو دبوس آخر خلفاء بنى عبد المؤمن بمراكش لما قتل سنة ثمان وخمسين وستمائة وافترق بنوه وتقلبوا في الأرض لحق منهم عثمان بشرق الأندلس ونزل على طاغية برشلونة فأحسن تكريمه ووجد هنا لك أعقاب عمه السيد أبى زيد المنتصر أخي أبى دبوس في مثواهم من إيالة العدو وكان لهم هنالك مكان وجاه لنزوع أبيهم السيد أبى زيد عن دينه إلى دينهم فاستبلغوا في مساهمة قريبهم هذا الوافد وخطبوا له عن الطاعة خطبا ووافق ذلك حصول مرغم بن صابر بن عسكر شيخ الجواري من بنى ذياب في قبضة أسره وكان قد أسره الغزي من أهل صقلية بنواحي طرابلس سنة ثنتين وثمانين وباعوه من أهل برشلونة فاشتراه الطاغية وقام عنده أسيرا إلى أن نزع إليه عثمان بن أبي دبوس هذا كما ذكرناه وشهر بطلب حق الدعوة الموحدية وأمل الظفر في القاصية لبعدها عن الحامية فعبر البحر إلى طرابلس وكان من حظوظ كرامته عند الطاغية ان أطلق له مرغم بن صابر وعقد له حلفا معه على مظاهرته وجهز له أساطيل وشحنها بالمدد من المقاتلة والأقوات على مال شرطوه فنزلوا على طرابلس سنة ثمان وثمانين واحتشد مرغم قومه وحملهم على طاعة ابن أبي دبوس ونازلوا البلد معه ومع جنده من النصرانية فحاصروهم ثلاثا وساء أثرهم فيها ثم رحل النصارى بأسطولهم ورسوا بأقرب السواحل
(٣٠٨)