وروى الحسين بن مطرف عن أبيه أنه قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه وآله في وفد بني عامر فقال عليه السلام أنا لا أحملكم فقلنا يا رسول الله إنا نجد الإبل الهوامي (1) فقال لا تفعلوا ضالة المؤمن حرق النار.
قال ابن الأعرابي حرق النار لهبها، وحرق الثوب إذا كان به من القصارة (3) يقال حرق بتحريك الراء وإذا كان بالنار يقال حرق الثوب بتخفيف الراء.
فإن أخذها لزمه الضمان ويكون عليه مضمونا، لأنه أخذ مال الغير بغير حق فإن سيبها (3) بعد ذلك لم يزل الضمان عنه كما لو سرق من غيره شيئا ثم يطرحه في داره، فإنه لا يزول ضمانه، فإن ردها إلى صاحبها زال عنه الضمان، برئ.
وإن سلمها إلى الإمام فهل يسقط عنه؟ قيل فيه وجهان أحدهما لا يزول لأن صاحبها ربما كان رشيدا، والإمام لا يلي على من كان كذلك، والثاني يزول لأن للإمام أن يأخذ الضوال ابتداء لأنه منصوب لمصالح المسلمين، فإذا كان يضيع من الرشيد له أن يحفظ عليه وإن وجده الإمام له أن يأخذه لما قلناه.
فإذا ثبت أن له أخذها نظرت فإن كان له حمى يدع فيها لترعى حتى يجئ صاحبها، وإن لم يكن له حمى فإنه يمسكها يوما ويومين وثلاثة أيام، فإن جاء صاحبها وإلا باعها، ويعرف ثمنها فإن جاء صاحبها وإلا حفظ الثمن عليه.
فأما إن أخذها العامي ليمسكها على صاحبها، هل له ذلك أم لا؟ قيل فيه وجهان أحدهما أن له أن يفعل لأن هذا يؤدي إلى مصالح المسلمين كالإمام، والثاني ليس له أن يفعل وأن يمسك لأنه لا يقوم بمصالح المسلمين ولا يلي أمورهم، وليس كذلك الإمام، لأنه منصوب لذلك، وهذا هو الأقوى.