مثل أن غرسه قريبا، أو بعيدا إن تصور أنه لا ينقصها بالقلع كان له مطالبة الغارس بالقلع لأنه لا [ضرر عليه في غرسه بتحويله كما لو صب طعاما في دار غيره بغير حق فعليه نقله وتحويله لأنه لا ضرر عليه في طعامه بنقله.
وإن كان الغراس يستضر بالقلع وينقص به قلنا لرب الأرض لك الخيار بين ثلاثة أشياء إما أن يقلعه وعليك ما نقص، أو تعطيه قيمته ليكون الغرس مع الأرض لك أو تقره في أرضك ولك الأجرة حتى ننظر ما الذي يقول الغارس.
ولو كان مكان الغرس زرع كان عليه أن يقره في أرضه وله أجرة مثله، والفرق بينهما من وجهين أحدهما ضرر الزرع يقل لأن له غاية إذا انتهى إليها حصد، فلهذا أقره فيها بالأجرة، وليس كذلك الغراس لأن ضرره يكثر، فإنه لا غاية له إذا انتهى إليها قلع، فلهذا لم يكن عليه أن يقره بالأجرة.
والثاني لا قيمة للزرع بعد قلعه، فلهذا لزمه أن يقره في أرضه بأجرة، وليس كذلك الغراس لأن له قيمة بعد قلعه فلهذا أجبرناه على قلعه.
فإذا تقرر هذا رجعنا إلى [رب] الغراس، فقلنا قد خيرنا رب الأرض بين ثلاثة أشياء بين القيمة، والقلع، والأجرة، ما تقول أنت؟ فإن اتفقا على شئ أقرا على ما اتفقا عليه، وإن اختلفا نظرت، فإن قال رب الأرض إقلع وعلي ما نقص، وقال العامل بل أقره في أرضك ولك الأجرة، قدمنا قول رب الأرض، لأن العامل لا يملك إقرار غرسه في أرض غيره، إذا لم يكن عليه في تحويله ضرر، لأن رب الأرض يضمن له ما نقص.
فإن كانت بالضد فقال الغارس أعطني ما نقص لأقلع، وقال رب الأرض أقره في أرضي وعليك الأجرة فالقول قول الغارس، ويقال لرب الأرض إما أن يقلع وعليك ما نقص أو تقره في أرضك بغير أجرة.
هذا إذا اختلفا في القلع والأجرة، فأما إن اختلفا في القيمة والقلع، فقال رب الأرض خذ القيمة ليكون الكل لي، وقال الغارس بل أقلع أنا وعليك ما نقص، قدمنا قول الغارس، لأنه لا يجبر على بيع غرسه.