يستضر بها، لأنه يطلبها من لا يستضر بها فأشبه إذا لم يستضرا، وإن كان الطالب هو المستضر بها فهل يجبر الآخر عليها أم لا؟ قيل فيه وجهان: أحدهما لا يجبر، لأنه يطلبها من يستضر بها، فأشبه أنه استضرا معا، لأن الطالب يطلب سفها يدخل عليه فلا يجيبه إليه (1) الحاكم.
والوجه الثاني يجبر عليها لأن أحد الشريكين لا يستضر به، فأشبه إذا استضر المطلوب دون الطالب.
وإن كان كل واحد منهما يستضر بها، فأيهما طلبها لم يجبر الآخر عليها، لأنها قسمة ضرر.
وقال قوم: الضرر أن لا ينتفع بحصته بعد القسمة، وإن انتفع به بعد القسمة فهي قسمة شرعية سواء نقصت القيمة أو لم تنقص وهذا هو الأقوى عندي لأنه متفق عليه لأن ما لا ينتفع به لا خلاف أنه لا يوجب القسمة، والأول ليس عليه دليل.
فإذا ثبت هذا فكل ما يقسم شرعا أفاد حكمين الإجبار على القسمة، والمطالبة بالشفعة، وما لا يقسم شرعا أفاد حكمين، لا يجبر عليها، ولا يتعلق به الشفعة.
فإذا ثبت ذلك فمما لا يقسم البئر والحمام والرحى والطريق: فالبئر على ضربين بئر معها بياض أرض، وبئر مفردة، فإن كان معها بياض أرض بقدر قيمتها (2) أمكن أن تكون بينهما والأرض بالقيمة بينهما فهذه قسمة شرعية يتعلق بها الحكمان معا كما نقول في أرض مائة جريب قيمة عشر منها بقيمة ما بقي، فإنها تعدل بالقيمة سهمين، ويقرع بينهما كذلك البئر وبياض الأرض.
وإن كانت البئر وحدها أو معها بياض لا يبلغ قيمة الأرض نظرت، فإن كانت البئر مما تقسم شرعا كالمصنع العظيم ونحو هذا، فإن كانت وحدها قسمت نصفين، وإن كان معها البياض اليسير جعل منها مع البياض بقدر نصف القيمة ثم أقرع بينهما فيتعلق بها الحكمان معا، وإن كانت بئرا ضيقة لا يمكن قسمتها لم يتعلق بها الحكمان معا ولا واحد منهما.