يستحقان عليه ذلك بعقد البيع قبل أن يأخذ لنفسه.
هذا إذا اختار الأخذ فأما إن اختار التأخير، وقال لست آمن الغائبين وإني متى أخذت الكل وحضرا، انتزعا الثلثين من يدي، فلا أؤثر هذا ولا أختار بل أتوقعهما حتى يحضرا، فإن عفوا أخذت الكل، وإن أخذا شاركتهما في هذا، فهل يبطل نصيبه بهذا التأخير أم لا؟ قيل فيه وجهان:
قال قوم لا يبطل وهو الأقوى، لأنه تأخير لعذر فلا تبطل شفعته، وقال آخرون يبطل حقه لأنه ترك الأخذ مع القدرة عليه.
إذا كانت دار بين أربعة أرباعا فباع واحد منهم حقه، فاستحقها الثلاثة وكان أحد الثلاثة غايبا، فاختار الآخران أن يأخذا بجميع المبيع: نفرض المسألة من ثمانية وأربعين، فباع واحد منهم سهمه وهو اثنا عشر سهما فأخذه الحاضران معا، صار لكل واحد منهما ستة، ثم غاب أحدهما ويسمى هذا الغائب الثاني ثم حضر الغائب الثالث فطلب حقه.
فإن كان الحاكم ممن يرى الحكم على الغائب وهو مذهبنا، قضى للثالث بجميع حقه وهو أربعة أسهم: سهمان على الحاضر وسهمان على الغائب فيصير لكل واحد منهم أربعة أسهم.
وإن كان لا يرى القضاء على الغائب، فبكم يقضي لهذا الثالث على الحاضر؟ قيل فيه وجهان أحدهما بنصف ما في يديه، لأن الثالث يقول للحاضر في يدك نصف المبيع فكأنه لا مبيع غيره ولا شفيع غيرنا، ووجب أن يكون بيننا نصفين، والثاني يقضى له على الحاضر بثلث ما في يده، لأنه لا يستحق عليه إلا قدر ما حصل في يديه من حقه الواجب له بأجل، والذي حصل في يديه من حقه ثلث ما في يديه، فلا يستحق أكثر منه.
فإذا حصل للثالث ما قضى له به، ثم غاب هذا الثالث ثم حضر الثاني وفي يده ستة أسهم وإنما يستحق بها أربعة أسهم، فبماذا يرجع الحاضر على هذا الثاني؟ يبني على ما قضى به للثالث.