بل أقوى منه لنيابته عنه في جميع ما كان للإمام، والساعي إنما هو وكيل للإمام عليه السلام في عمل مخصوص، لكن في شرح الإصبهاني لللمعة لم أظفر بقائل ذلك، وإنما عثرت على القول بوجوب الدفع إليه أو وكيله في الغيبة ابتداء، بل قال: " إنا نمنع كونه كالساعي، فإن الساعي إنما يبلغ أمر الإمام، فأطاعته إطاعة الإمام بخلاف الفقيه، ولا يجدي كونه أعلا رتبة ومنصبا منه، ولم يعلم أمر منهم صلوات الله عليهم بإطاعة الفقيه في كل شئ " قلت: إطلاق أدلة حكومته خصوصا رواية النصب (1) التي وردت عن صاحب الأمر (عليه السلام) روحي له الفداء يصيره من أولي الأمر الذين أوجب الله علينا طاعتهم، نعم من المعلوم اختصاصه في كل ماله في الشرع مدخلية حكما أو موضوعا، ودعوى اختصاص ولايته بالأحكام الشرعية يدفعها معلومية توليه كثيرا من الأمور التي لا ترجع للأحكام، كحفظه لمال الأطفال والمجانين والغائبين وغير ذلك مما هو محرر في محله، ويمكن تحصيل الاجماع عليه من الفقهاء، فإنهم لا يزالون يذكرون ولايته في مقامات عديدة لا دليل عليها سوى الاطلاق الذي ذكرناه المؤيد بمسيس الحاجة إلى ذلك أشد من مسيسها في الأحكام الشرعية.
ومن ذلك يظهر حينئذ أن ثمرة المسألة تتحقق في زمن الغيبة كزمن الظهور (و) التحقيق فيها أن (الأول أشبه) بأصول المذهب وقواعده مع النهي عن التفريق لعدم التمكن من نية القربة حينئذ التي لا ريب في اشتراطها في صحة دفع الزكاة، لأن نهيه (صلى الله عليه وآله) نهي الله تعالى، فإنه " لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى " (2) وكذا مع الاقتصار على الأمر بالدفع إليه المنافي للأمر حينئذ بالايتاء، فوجب تقييده به على معنى وجوب الايتاء على هذا الوجه بالنسبة إلى خصوص من