ولا تنافيهما صحيحة أبي بصير: في رجل أعطى رجلا حجة مفردة، فيجوز له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج؟ قال: (نعم، إنما خالف إلى الفضل والخيرة) (1).
لأن المراد منها: الفضل للمنوب عنه لا مطلقا، ولا شك أنه مخصوص بما إذا لم يستأجر لما تعين عليه من المرجوح، وإلا لم يكن فضلا له، بل يكون حراما عليه.
ولأن سياق التعليل مفهم لكون الفضيلة موجبة لرضا المستأجر ولو احتمل تعلق غرض له بفعل المرجوح لا يعلم رضاه.
وجوازه في غير الصورتين، للصحيحة المذكورة، التي هي - بمقتضى التعليل بالتقريب المذكور - أخص مطلقا من الرواية المتقدمة، فتخصص بها وبشهادة الحال برضا المستأجر وإذنه في العدول، وأن ما ذكر في العقد للرخصة إلى الأدنى، ولا شك أن مع علمه بالإذن في العدول يجوز له ذلك، لأنه أمر منوط برضاه.
ثم إنه إذا عدل إلى غيره، ففي صورة عدم الجواز يقع العمل للمنوب عنه لقصد النيابة، ولا يستحق الأجير شيئا من الأجرة، والوجه واضح.
وفي صورة الجواز، قالوا: يستحق تمام الأجرة، إذ يكون العدول حينئذ معلوما من قصده، فكان كالمنطوق به.
وعندي فيه نظر، إذ جواز العدول لا يستلزم استحقاق الأجرة، وذلك لأن من الأمور ما يكفي فيه العلم برضا المالك ولو بشاهد الحال، كالتصرف في ملكه.
ومنها ما لا يكفي فيه ذلك، بل يتوقف على ثبوت التوقيف من