منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ٧٢
الحجة عليه، وعدم اشتغال الذمة به. لكنه لا يخلو من شئ، فان التكليف هو الذي يترتب على الوصول إليه إمكان الداعوية و الزاجرية، و لولاه لم يتجاوز الحكم عن مرتبة الانشاء، ومن المعلوم أن الدعوة إلى المعدوم والزجر عنه كالزجر عن شرب الخمر المعدوم أمر غير معقول، وهذا بلا فرق بين الآراء في حقيقة الحكم من كونه الإرادة و الكراهة المبرزتين أو البعث والزجر الاعتباريين أو الطلب الانشائي أو إنشاء النسبة أو غير ذلك، فان الانشاء بداعي جعل الداعي لا يتمشى من الامر الحكيم مع انعدام الموضوع وفقدانه.
وعليه فالحق أنه مع التلف لا مقتضي لتشريع الحكم، إذ الموضوع لقيام الملاك به المستتبع للإرادة والكراهة مقتض له، فيناط به الحكم إناطة المعلول بعلته، فالتلف مانع عن تشريع الحكم بمعنى إعدام المقتضي له، لا أنه مانع عن اشتغال الذمة به مع وجود المقتضي لتشريعه، لان الاشتغال به متأخر عن تشريعه، فقياس وجود الموضوع بوجود الحجة على التكليف مع الفارق، حيث إن الحجة توجب تنجز المجعول وإحراز اشتغال الذمة به بعد الفراغ عن تشريعه من دون دخل للحجة في تشريعه. بخلاف وجود الموضوع، فإنه دخيل في ذلك دخل العلة في المعلول. كما أن الفرق بين وجود الموضوع و الاضطرار هو أن الأول كما عرفت مقتض لملاك الحكم والثاني رافع له.
وقد تحصل: أن الحق منجزية العلم الاجمالي في الاضطرار إلى المعين المتأخر عن العلم.
وأما الاضطرار إلى أحدهما المخير، فقد عرفت التزام الشيخ الأعظم (قده) فيه بالاحتياط بالنسبة إلى غير المضطر إليه، وهذا هو الصحيح، فان تعلق الاضطرار