قاعدتي الضرر والحرج تخصصا أو تخصيصا.
بل لا يبعد أيضا خروج الضرر والحرج المترتبين على ما جرت به العادة في المآتم الحسينية من اللطم على الخدود وشق الجيوب عن هاتين القاعدتين قال الإمام الصادق عليه السلام في حديث طويل رواه خالد بن سدير: (وقد شققن الجيوب ولطمن الخدود الفاطميات على الحسين بن علي عليهما السلام، وعلى مثله تلطم الخدود وتشق الجيوب).
فان لطم الخدود خصوصا عند العرب مستلزم غالبا للمشقة والتألم وتغير اللون بل والضرر، ومع ذلك حث الإمام عليه السلام على ذلك بدون التقييد بعدم الضرر والحرج، فان التقييد بهما يوجب حمل المطلق على الفرد النادر الذي يكون بيانه بلفظ المطلق خارجا عن طريقة أبناء المحاورة ومستهجنا عندهم كما لا يخفى.
بل التعدي عن اللطم إلى غيره مما يصنعه الشيعة جيلا بعد جيل، بل وغيرهم من سائر الفرق الاسلامية في المواكب العزائية بحيث صار من الشعائر الحسينية من الضرب بالأيدي على الصدور وبالسلاسل على الظهور وغير ذلك كتلطيخ وجوههم ورؤوسهم، بل جميع أبدانهم بالوحل أو التراب والتبن كما هو المرسوم في بعض بلاد الشيعة في أيام عاشوراء (غير بعيد) إذ الظاهر أنه لا خصوصية للطم الخدود، والمقصود بيان رجحان إظهار الحزن الشديد والتأثر العميق لمصابه صلوات الله عليه وأرواحنا فداه كما يدل عليه جملة من الروايات، ومن المعلوم اختلاف كيفيات الأعمال المهيجة للشجون والأحزان في مختلف البلاد والأحيان مع كونها بمحضر من العلماء الأعيان، وعدم إنكارهم لها في شئ من الأزمان، فلا خصوصية للطم الخدود وشق الجيوب.