والاشكال عليه بأن ضابط حكمة التشريع أيضا لا ينطبق على الواقع في ذيل روايتي الشفعة ومنع فضول الماء، حيث إن ضرر الشريك على فرضه في بعض الموارد يندفع بما هو متقدم طبعا على الاخذ بالشفعة، وهو عدم لزوم بيع الشريك.
وكذا منع فضول الماء، فإنه لا يوجب الضرر، بل يوجب عدم النفع. (مندفع) أما في الشفعة، فبأن عدم لزوم البيع يوجب الضرر على البائع، لأنه لا يقدر حينئذ على بيع حصته دائما على وجه اللزوم، فجعل حق الشفعة ناظر إلى دفع الضرر عن كلا الشريكين. وأما منع فضل الماء فقد يكون سببا لتلف المواشي والزرع، وليس في جميع الموارد موجبا لعدم النفع، وهذا الضرر بنحو الموجبة الجزئية كاف في تحقق حكمة التشريع فيه وانطباق ضابطها عليه.
فحاصل جواب المحقق النائيني (قده) عن الاشكال هو: كون (لا ضرر) في قصة سمرة علة للمجعول، وفي موردي الشفعة ومنع فضل الماء علة للجعل.
ففي الأول يتعدى إلى كل فعل يكون علة تامة للضرر كفعل سمرة كما هو شأن العلة المنصوصة. وفي الثاني يقتصر على الشفعة ومنع فضل الماء كما هو شأن حكمة التشريع المعبر عنها بالملاك وعلة الجعل، هذا.
وأما شيخ الشريعة (قده) فقد حسم مادة الاشكال ومنشأه، وجزم بأن (لا ضرر) لم يذكر في النصوص صدرا ولا ذيلا لقضية خارجية - غير قضية سمرة - حتى يستشكل في كيفية الاستظهار منه وأنه علة للجعل أو للمجعول، وإجماله أنه (قده) أتعب نفسه الشريفة بالتتبع والفحص عن ورود هذه الكلمة في كتب أحاديث الفريقين وعدمه، وبعد الظفر بأقضية النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي رواها أحمد بن حنبل مجتمعة عن عبادة ابن صامت عرض عليها الأقضية المروية بطرقنا عن عقبة بن خالد عن الصادق عليه الصلاة والسلام التي فرقها أصحاب الحديث رضوان الله تعالى عليهم على أبواب الفقه، فوجدها مطابقة لها، إلا أن (لا ضرر) كان فيما رواه ابن حنبل مستقلا غير