علة تامة للضرر، وهو هتك عرضه الذي يعد من أعظم المضار التي لا تتحمل عادة، وصغرويته لكبرى الضرر مسلمة، فيستفاد منه قاعدة كلية، وهي: أن كل فعل ضرري لا حكم له، لان التعدي عن المورد إلى مثله مقتضى العلة المنصوصة.
وأما جملة (لا ضرر) في ذيل روايات الشفعة ومنع فضل الماء فلا تصح لان تكون علة للمجعول، ضرورة أن بيع الشريك حصته من أجنبي ليس علة تامة للضرر حتى يكون من صغريات قاعدة الضرر، إذ ربما يكون الشريك الجديد مؤمنا متقيا حسن الأخلاق وأحسن معاشرة له من الشريك القديم، ولا يتضرر من مشاركته، بل ينتفع به، فهذا البيع ليس علة تامة ولا مقتضيا للضرر حتى يكون مصداقا لقاعدة الضرر. وكذا منع فضل الماء، فإنه ليس علة تامة للضرر وهو تلف المواشي، لامكان سقيها من غير هذا الماء أو نقلها إلى مكان آخر.
وبالجملة: فبيع الشريك وكذا منع فضل الماء ليسا من العلل التامة للضرر.
ولو بني على كون الفعل المقتضي أو المعد للضرر من صغريات قاعدة نفي الضرر لزم من ذلك تأسيس فقه جديد، لجواز التعدي حينئذ إلى جميع ما يشابه هذين الموردين من الافعال المقتضية أو المعدة للضرر، ففي الشفعة يتعدى من موردها وهو غير المنقول إلى المنقول كالفرش وغيره من أثاث البيت، ومن البيع إلى سائر النواقل كالهبة والصلح، ومن منع فضل الماء إلى منع سائر الأموال من الفلوس والبيوت والألبسة وغيرها، فيجوز للفقير أخذ فضول أموال الأغنياء المؤمنين لان منع أموالهم عن الفقراء ضرر على الفقراء. و هذا كما ترى مخالف للضرورة الدينية ومستلزم للهرج والمرج.
فهذا المحذور يوجب رفع اليد عن ظهور (لا ضرر) في موردي الشفعة ومنع فضل الماء في الموضوعية، ولزوم حمله فيها على الملاكية التي ليست هي بمطردة ولا منعكسة.