منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٤٠٦
الثاني: من ناحية الملاك، حيث إن ملاك الحظر عقلا في مسألة الحظر والإباحة هو أن العبد بما أنه مملوك إذا تصرف فيما لم يأذن له مالكه خرج بذلك عن رسوم العبودية وارتكب قبيحا عقلا، وملاك الإباحة فيها أن تصرف العبد فيما لم يمنع عنه المولى - من حيث كونه مالكا - ليس خروجا عن زي العبودية حتى يحكم العقل بقبحه و حسن مؤاخذته، فليس ملاك الإباحة عدم وصول التكليف، إذ المفروض عدم لحاظ التكليف بل الملحوظ عدمه. وملاك البراءة عدم تنجز التكليف الواقعي بعدم وصوله إلى المكلف، وملاك الاحتياط تنجزه باحتماله أو بإيجاب الاحتياط شرعا، فالملحوظ في مسألة البراءة والاحتياط تنجز التكليف واستحقاق العقوبة على مخالفته و عدم تنجزه المانع عن استحقاق العقوبة على المخالفة لقاعدة قبح العقاب بلا بيان.
الثالث: من ناحية الأثر، حيث إن الحظر في مسألة الحظر والإباحة لما كان لأجل الخروج عن زي العبودية، إذ المفروض عدم الإذن من المالك في التصرف في ملكه أوجب ذلك استحقاق العقوبة على كل حال، بخلاف الاحتياط في مسألة البراءة والاحتياط، فان استحقاقها على الفعل فيها انما هو من جهة تنجز التكليف الواقعي باحتماله، فالاستحقاق يدور مدار مصادفة الاحتمال للواقع، فلا استحقاق مع عدمها.
وأما ما قيل: (من الفرق بينهما بكون مسألة الحظر والإباحة ناظرة إلى حكم الأشياء قبل الشرع كما في المتن وغيره، ومسألة البراءة والاحتياط ناظرة إلى حكم الأشياء بعده) ففيه: أن القبلية الزمانية مفقودة هنا، لعدم خلو زمان عن