منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٣٤٣
وعليه، فما أفاده بقوله (: فما هو قابل لتعلق البعث الانشائي به غير قابل للتنجز ولا للتنجيز وما هو قابل للمنجزية والمتنجزية وهو الاحتمال والتكليف غير قابل لتعلق البعث الانشائي به) وان كان متينا في نفسه، الا أنه لا سبيل إلى حصر الكاشف عن جعل المنجز في قابلية المادة لتعلق الطلب به، بل يكفي ما دل عليه كناية وبالملازمة كما اعترف هو (قده) بذلك في أول بحث الامارات بالنسبة إلى منجزية الامر بتصديق العادل، فليكن الامر بالاحتياط دالا أيضا بالملازمة على منجزية الاحتمال، فكما يكون قوله عليه السلام:
(صدق العادل) إنشاء بداعي إيصال الواقع بخبر الثقة، فكذلك قوله عليه السلام: (احتط) إنشاء بداعي جعل الاحتمال بيانا على الواقع المجهول، فيكون منجزا.
فالنتيجة: أن تنجيز الواقع بأوامر الاحتياط - كما في المتن - صحيح و معقول في نفسه، الا أن في تسميته بالامر الطريقي مسامحة ظاهرة، كما تقدم في بعض التعاليق.
وأما ما أفاده (قده) من إثبات وجوب الاحتياط نفسيا، فلا يخلو أيضا من غموض، إذ فيه أولا: وجود القرينة الداخلية والخارجية على أن الامر به للارشاد، أما الداخلية فهي أمور:
أحدها: قوله عليه السلام في أخباره: (احتط لدينك) و (خذ بالحائطة لدينك) ونحوهما، فإنها ظاهرة بل صريحة في أن الامر به انما هو بداعي الارشاد إلى حفظ الدين المراد به الاحكام الواقعية، فالباعث على الامر به ليس الا التحفظ عليها وعدم الابتلاء بمخالفتها الاحتمالية، فهي من جهة ظهورها في الارشاد لا تتفاوت مع أخبار الوقوف التي لا ريب في كون الامر به إرشادا إلى