منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٣٤١
____________________
لا يقبح العقاب على المخالفة بسبب إيجاب الاحتياط.
لقيام الملاك به، وأخرى بما هو معرف ومشير إلى ما هو الموضوع لبا وبحسب الواقع، فالأول كقوله: (صل الجمعة يومها) حيث إن موضوع الحكم صلاة الجمعة التي تقوم المصلحة بها، ويكون وجوبها نفسيا، لقيام الملاك بهذا العنوان. والثاني كقوله: (احتط لدينك) فان العنوان المأخوذ موضوعا معرف للأحكام الواقعية غير الواصلة إلى المكلف بعناوينها من وجوبالصلاة وحرمة شرب التتن و نحوهما، وحينئذ فمع إمكان إيصال الحكم بعنوانه إلى المكلف لتحصيل الغرض القائم به، فالامر واضح. ومع تعذر إيصاله كذلك فلا مانع من إيصاله بإيجاب الاحتياط المنبعث عن نفس الغرض الواقعي القائم بصلاة الجمعة، الداعي إلى تشريع وجوبها بذاتها، ويكون هذا الايجاب حافظا لمصلحة الواجب، ومانعا من الوقوع في مفسدة تركه.
وعليه فمنشأ مطلوبية الاحتياط هو التحفظ على الواقع بعد تعذر إيصاله إلى المكلف، وهو معرف للتكاليف المجهولة، ولا منافاة بين وجوبه المولوي النفسي ومعرفيته، لتعلق الطلب به وانبعاث الامر به عن الملاكات النفس الامرية الكامنة في المتعلقات.
وبالجملة: فليس الامر بالاحتياط منبعثا عن الخطاب الواقعي ومتمما لقصور محركيته، بل هو حكم مستقل في قبال الحكم الواقعي ناش من الغرض النفس الأمري، فهو متحد مع الحكم الواقعي رتبة وفي عرضه، وكلاهما معلولان لعلة ثالثة وهو الملاك.
أقول: قد يختلج بالبال أن ما أفاده (قده) لا يخلو عن غموض، أما منع كون الامر بالاحتياط طريقيا، فيتوجه عليه أولا: أن التنجيز هو جعل الواقع بمثابة يترتب على مخالفته العقوبة، والظاهر أن المنجزية - و هي المصححية