منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٢٥٩
وعلى هذا فالصحيح أن يقال: ان موضوع حديث السعة هو الحكم الذي لم تقم حجة عليه، وهذا الموضوع بنفسه قد حكم عليه بالاحتياط، لقوله عليه السلام: (وقفوا عند الشبهة) فان كان الاحتياط منجزا للواقع ومتمما لقصور محركية الخطاب الأولي فهو وارد على السعة، لوصول الواقع بنفسه إلى المكلف ببركة عنوان ثانوي طار عليه بمثل (احتط) الذي جعله الشارع منجزا له.
وان كان وجوبه نفسيا بأن يكون الحكم الفعلي لمحتمل الحرمة وجوب الاحتياط، وقع التعارض بينه وبين الحديث، لتوارد دليلي السعة والاحتياط على عنوان واحد وهو محتمل الحرمة، ومن المعلوم وقوع التنافي بينهما، والمرجع حينئذ قواعد التعارض.
هكذا ينبغي تحرير المقام، ومنه يظهر غموض ما أفاده المصنف بقوله:
(فكيف يقع في ضيق الاحتياط من أجله) لابتنائه على كون الغاية في حديث السعة هو العلم الوجداني بالواقع، فما لم يعلم به فهو في سعة، ويقع التعارض بينه وبين ما يدل على وجوب الاحتياط طريقيا، لعدم إفادته العلم بالواقع كما هو ظاهر. لكن لا ريب في أن العلم في الحديث بمعنى المنجز للواقع والحجة عليه، ولذا ينتفي موضوع البراءة بقيام أمارة غير علمية على الحكم الواقعي، لكونها بيانا عليه.
فالمراد بالعلم في الحديث هو الحجة القاطعة للعذر الجهلي، ومع تنجز الحكم الواقعي بدليل الاحتياط ينتفي موضوع البراءة، ويرتفع الترخيص في ترك الواقع ويتبدل بلزوم رعايته.
كما أن ما أفاده من ورود دليل الاحتياط - على القول بوجوبه النفسي - على