منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٢٣٥
عقلي، وليس شئ منهما مما تناله يد التشريع وضعا ورفعا، و المناسب للرفع هنا هو الحرمة التي تقتضيها هذه الثلاثة، فهي التي رفعت منة على هذه الأمة.
لا يقال: ان متعلق التكليف وجوبيا كان أم تحريميا لا بد أن يكون اختياريا للمكلف، والحسد من الصفات الرذيلة النفسانية غير الاختيارية، فلا حرمة لها ولو اقتضاء حتى يرفعها الحديث.
فإنه يقال: نعم، لكن مباديها اختيارية، فيمكن تعلق التحريم بالحسد باعتبار اختيارية مباديه، فالحسد يقتضي جعل الحرمة، والشارع منة على الأمة منع عن تأثيره في مقتضاه، لكن المرفوع حرمة نفس الحسد لا آثاره العملية التي دلت النصوص على حرمة ترتيبها.
وكذا المرفوع في الطيرة، فإنه حرمة التزام العرف بالتطير والتشؤم و عدم الاقدام في أمورهم، فالحرمة التي جعلها العقلا مانعة عن تمشية أمورهم وموجبة لصد مقاصدهم مرفوعة - أي غير ممضاة - شرعا، فليس لهم الاعتناء بالتطير في تعطيل أشغالهم وتعويق أعمالهم.
وكذا المرفوع في التفكر، فإنه فيه هو الحرمة أيضا، يعني: أن حرمة الوسوسة في أمر الخلقة على احتمال، أو في أمور الخلق وسوء الظن بهم على احتمال آخر مرفوعة، واحتمال كون المرفوع وجوب التحفظ وصرف الذهن وإجالة الفكر في أمور غير مرتبطة بأمر الخلقة بعيد، للاحتياج إلى التقدير، مع أن الرفع أسند إلى نفس هذه الأمور الثلاثة لا إلى أمر آخر.