منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٢٢٩
بالدليل، كالجنابة وإتلاف مال الغير والصيد في حال الاحرام، فان الاكراه في هذه الأمور لا يرفع الأحكام الوضعية المترتبة عليها، حيث إن حديث الرفع من العمومات القابلة للتخصيص، فأدلة أمثال هذه الأمور تخصص عموم حديث الرفع.
وأما الاكراه في المعاملات، فان كان على ترك إيجاد أصلها أو ما يقومها عرفا كالاكراه على البيع بلا ثمن فلا أثر لهذا الترك حتى يرتفع بالاكراه، فلا يجري فيه حديث الرفع، لعدم تحقق عنوان المعاملة حتى يرتفع أثرها بالاكراه، فعدم الأثر حينئذ انما هو لعدم الموضوع. وان كان الاكراه على إيجاد مانع من موانع صحتها شرعا كالاكراه على بيع أحد المتجانسين بالآخر بالتفاضل، فمقتضى ارتفاع المانع الشرعي بحديث الرفع صحة المعاملة، لكنها تنافي الامتنان الذي هو شرط جريانه، فلا يجري فيه، ولا يحكم بصحة المعاملة الا إذا كان مضطرا، فحينئذ تصح لأجل الاضطرار، حيث إن عدم صحتها يوجب شدة اضطراره، ويكون خلاف الامتنان.
ومثله ما إذا كان الاكراه على ترك جز أو شرط، فان الحديث لا يجري في نفي الجزئية أو الشرطية حتى يحكم بصحة المعاملة، لان جريانه خلاف الامتنان إلا مع الاضطرار، فعدم جريانه حينئذ انما هو لأجل عدم الامتنان، لا لعدم الأثر لترك الجز أو الشرط كما قيل، و ذلك لان الحديث ينفي إطلاق الجزئية أو الشرطية لجميع الحالات التي منها تركهما بالاكراه، ومع نفيهما لا بد من الحكم بصحة المعاملة، لان الفاقد حينئذ تمام السبب المؤثر على ما يقتضيه دليل السببية بعد إسقاط الجزئية أو الشرطية بحديث الرفع. الا أن منافاة صحة المعاملة للامتنان