منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ١٨٨
الظاهر أن الوضع يتعلق بالفعل، حيث إن التكليف وضع الفعل أو الترك على عهدة المكلف في وعاء التشريع، فالرفع أيضا يتعلق برفع الفعل عن عهدته لا الحكم. وعليه فالمرفوع فيما لا يعلمون هو الفعل.
وفيه: أن المرفوع حقيقة ما يكون وضعه ورفعه بيد الشارع، وذلك ليس الا الحكم الذي هو من أفعاله الاختيارية، فكل من الوضع و الرفع يتعلق بنفس التكليف الذي هو مجعول الشارع، ولو أسند الرفع أو الوضع في الكلام إلى الفعل فلا بد من إرجاعه إلى الحكم، ولذا يقال: انه إثبات الحكم بلسان إثبات الموضوع، أو نفيه بلسان نفي الموضوع، وأنه من النفي المركب، ولو كان اسناد الرفع إلى الفعل إسنادا إلى ما هو له لم يكن للارجاع المزبور وجه، وكان النفي بسيطا لا مركبا، فتقابل الوضع والرفع انما هو بالنسبة إلى الحكم، فيتواردان عليه. وكون الفعل أو الترك في العهدة انما ينتزع عن تشريع الحكم. لا أن الفعل أو الترك بنفسه مجعول على عهدة المكلف.
وبالجملة: فهذا الوجه يؤيد بل يدل على أن المرفوع في (ما لا يعلمون) هو الحكم، ولا يدل بوجه على اراده الفعل من (ما لا يعلمون).
ولا فرق فيما ذكرنا من أن المرفوع نفس الحكم بين كون ظرف الرفع هو الاسلام في قبال الأديان السابقة، وبين كونه ذمة الأمة الاسلامية في قبال الأمم السابقة، وذلك لأجنبية الظرف عن المظروف، فلو كان الظرف ذمة المكلف لم يقتض ذلك كون متعلق الوضع و الرفع فعل العبد كما قيل.
ومنها: أنه لا إشكال في شمول الحديث للشبهات الموضوعية، فأريد الفعل من الموصول في (ما لا يعلمون) قطعا، فلو أريد به الحكم أيضا لزم استعماله