منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ١٩٠
ذمته به، وتكليفي وهو مطالبة متعلقه والتحريك نحوه، ففي حرمة شرب الخمر ووجوب النفقة مثلا يجعل نفس الفعل والترك على العهدة، وهذا المعنى هو المقصود من الوضع. وعليه فالمرفوع في (ما لا يعلمون) هو التكليف دون الوضع المزبور الذي هو الحكم المشترك بين العالم والجاهل على ما قام عليه الاجماع والاخبار، ولا يلزم منه محذور التصويب أصلا، إذ المفروض عدم ارتفاع الحكم المشترك. والذي يدل على ذلك أمور:
الأول: ظواهر أدلة البراءة، إذ لا سبيل إلى إنكار ظهورها في الرفع الحقيقي كالرفع في سائر الفقرات، كما لا سبيل إلى التصرف فيها و حملها على الرفع ظاهرا كما في المتن وغيره.
الثاني: استحالة الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي، لامتناع جعل حكمين مثلين أو ضدين لموضوع واحد، وعدم إجداء تعدد الرتبة في جوازه ما لم يرجع إلى تعدد الموضوع كما فصل في محله، فلا بد من كون المرفوع التكليف والثابت المشترك بين الكل هو الوضع.
الثالث: ما دل على وجوب قضاء الصلاةوالصوم على من تركهما لنوم أو غفلة، لسقوط الخطاب في حالتي الغفلة والنوم، فلا موجب لقضائهما إلا شغل الذمة.
فالمتحصل: أن لكل حكم جهتين تكليفا ووضعا، والمرفوع بالبراءة حقيقة هو التكليف، لأنه مترتب على العلم بالوضع، فبدون العلم به لا تكليف حقيقة.
أقول: ويتوجه على ما أفاده قدس الله تعالى نفسه الطاهرة أولا: أن ملازمة كل تكليف لوضع غير ثابتة، والأدلة الثلاثة المتقدمة لا تفي بإثباتها، إذ في أولها: