منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ١٧١
معذبين) لدلالة الأولى على الاستحقاق بخلاف الثانية.
لا يقال: ان غرض المصنف (قده) من قوله: (لعله كان منة) إبدأ الاحتمال الموجب لبطلان الاستدلال.
فإنه يقال: نعم، لكنه لا بد أن يكون الاحتمال في نفسه صحيحا، ومن المعلوم عدم صحته كذلك، لما مر آنفا من عدم استقرار عادته عظمت كبرياؤه على عدم التعذيب مع الاستحقاق تفضلا ومنة.
فالمتحصل: أن نفي التعذيب بقرينة (ما كنا) الدال على العادة يدل على التلازم بين نفي الفعلية وعدم الاستحقاق، فالاستدلال بالآية على البراءة متين، ولا يرد عليه إشكال المصنف.
كما لا يتوجه عليه ما أفاده الشيخ من ظهور الآية الشريفة في الاخبار عن وقوع التعذيب في الأمم السابقة بعد بعث الرسل، وذلك لما فيه أولا من انسلاخ (ما كنا) ونحوه من الافعال الماضية المنسوبة إليه سبحانه وتعالى عن الزمان ودلالتها على الاستمرار ولو لم نقل بانسلاخها عن الزمان، بدعوى أن المنسلخ عنه هو خصوص صفات الذات كالعلم والقدرة، وأما صفات الافعال فلا موجب لسلخ الزمان عن الافعال المضافة إليها كإرسال الرسل والتعذيب وغيرهما، وذلك لظهور الآية بحسب السياق في بيان الضابط الكلي الذي يقتضيه عدله تعالى شأنه، وهو عدم المؤاخذة قبل البيان وإتمام الحجة، و عليه فلا خصوصية لامة دون أمة، ولا عذاب دون عذاب.
وثانيا: بعد تسليم كون الآية اخبارا عن وقوع العذاب الدنيوي في الأمم