منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ١٧٤
المحدثين بها على عدم الملازمة بين حكم العقل والشرع فقد عرفتهما آنفا.
وأما رد الفاضل التوني (ره) لاستدلال المحدثين على نفي الملازمة، فحاصله:
أن الآية تنفي فعلية العذاب، ونفي الفعلية أعم من نفي الاستحقاق، و المفروض أن صحة الاستدلال على عدم الملازمة موقوفة على دلالة الآية على عدم الاستحقاق، وهذه الدلالة مفقودة، فلا تدل الآية على عدم استحقاق العقوبة على المستقلات العقلية كما هو مقصود المستدلين بها على عدم الملازمة، فيمكن أن يكون في مخالفتها استحقاق العقوبة مع عدم فعليتها، لتعقبه بالعفو والغفران، كما ورد في الروايات: أن اجتناب المعاصي الموعد عليها بالنار يكفر ارتكاب ما لم يوعد عليه من المعاصي بالنار.
فملخص الرد: أن دلالة الآية على نفي الملازمة منوطة بدلالتها على نفى استحقاق العقوبة، والمفروض عدم دلالتها على نفي الاستحقاق، بل تدل على نفي الفعلية، فلا مانع من استحقاقها على المستقلات العقلية مع العفو.
الثالث: أن المحقق القمي (قده) أورد على الفاضل التوني (ره) بأن الجمع بين استدلاله بهذه الآية على البراءة وبين رد المستدلين بها على عدم الملازمة جمع بين المتناقضين، حيث إن الاستدلال بها على البراءة مبني على دلالتها على نفى الاستحقاق، ورد منكري الملازمة مبني على ثبوت الاستحقاق، لان مدعي القاعدة يدعي التلازم بين حكمي العقل والشرع المستلزم لثبوت استحقاق العقاب على مخالفة المستقلات العقلية، كثبوت استحقاقه على مخالفة الأحكام الشرعية، فمنكر القاعدة ينكر هذا الاستحقاق على مخالفة المستقلات العقلية.
فالآية الشريفة ان دلت على نفي الاستحقاق، فلا وجه لرد من أنكر الملازمة،