منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ١٥٠
نقض وإبرام، بخلاف الأربعة وهي البراءة والاحتياط والتخيير
الطهارة، وعدم رجوع هذه القاعدة إلى البراءة حتى يجوز إهمالها اعتمادا عليها.
أقول: لعل نظر من قال بذلك إلى كون الطهارةجواز تكليفيا أو منتزعة عنه، فطهارة الماء مثلا هي جواز استعماله، ونجاسته عدم جوازه، فان كان الامر كذلك، فلما حكي عن الشيخ وجه. لكن فيه: - مع أنه خلاف مختاره (قده) في تشريع الطهارة - عدم كفاية مجرد جواز الاستعمال فيما أخذت الطهارة شرطا لصحته كطهارة ماء الوضوء وبدن المصلي ولباسه، إذ لا إشكال في جواز استعمال الماء المتنجس في نفسه تكليفا مع عدم حصول الغرض وهو ارتفاع الحدث والخبث به، فرجوع قاعدة الطهارة إلى أصالة البراءة غير ظاهر.
فلعل وجه إهمالهم لقاعدة الطهارة الجارية في الشبهات الحكمية في علم الأصول هو: أن النجاسات معدودة محصورة، فالشك في نجاسة غيرها ان كان في نجاسته الذاتية أمكن إثبات طهارته بالاطلاق ولو مقاميا، حيث إن حصر النجاسات الذاتية في عدد معين و عدم بيان غيره دليل على انحصار النجاسات فيه، وطهارة غيره. وان كان الشك في نجاسته العرضية كالشك في انفعال الماء القليل بملاقاته للنجس، أو نجاسة العصير العنبي المغلي، أو نحو ذلك، فالمرجع فيها مع عدم الدليل هو استصحاب الطهارة لا قاعدتها.
وبالجملة: فقاعدة الطهارة لا تجري في الشبهة الحكمية مطلقا سوأ كان الشك في النجاسة الذاتية أم العرضية، فلا وجه لذكرها في علم الأصول.
نعم بناء على عدم جريان الاستصحاب في الاحكام الكلية تجري قاعدة الطهارة في الموارد المذكورة وغيرها، فتدبر.