وبما ذكرناه يظهر تمامية الاستدلال له بالآيات مثل قوله " كتب عليكم الصيام كما كتب الج " وقوله تعالى " وأذن في الناس بالحج " وقوله تعالى " وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا " إلى غير ذلك فإنها بضميمة ما ذكرناه في تقريب الاستدلال بالتبادر تدل على ذلك.
ولا يراد عليه ما ذكره بعضهم بقوله ويرد عليه: أولا ان صلاة الأمم السابقة كما نشاهد الان ليست الا دعاء محضا وكذلك الحج والزكاة، وثانيا ان غاية ما يستفاد من هذه الآيات ثبوت هذه الماهيات المخترعة في الشرايع السابقة، ولا تدل على انها كانت مسماة بهذه الأسماء، بل دعوى القطع بالعدم قريبة جدا: إذ لغات الشرايع السابقة غير عربية وهذه ألفاظ عربية، مع أن قوله تعالى في الآية الأولى - كما كتب الخ - الضمير فيه يرجع إلى معنى الصوم لا إلى لفظه كي يستدل به.
الجهة الثالثة في الثمرة بين القولين، قال جماعة منهم المحقق الخراساني بأنه يظهر الثمرة في المسألة بحمل الألفاظ الواردة في الكتاب والسنة بلا قرينة على المعاني اللغوية مع عدم الثبوت وعلى معانيها الشرعية مع الثبوت إذا علم تاريخ الاستعمال.
ويرد عليه انه لابد من تقييد ذلك بعدم صيرورتها مجازات مشهورة في ذلك الزمان في المعاني الشرعية إذا الشهرة مانعة عن انعقاد الظهور في المعنى الحقيقي بل ربما توجب انعقاد الظهور في المعنى المجازى، بل يمكن ان يدعى انه إذا احتمل صيرورتها كذلك في زمانه (ص) لابد من التوقف والحكم بالاجمال فيما لم يعلم تقدم الاستعمال على ذلك: فان أصالة عدم وصولها إلى حد الشهرة إلى حين الاستعمال لو سلم جريانها، تعارض استصحاب وصولها إلى هذا الحد بنحو القهقرى إلى حين الاستعمال فتدبر.
كما أنه: يرد على ما ذكره من حملها على المعاني الشرعية على تقدير ثبوتها انه لابد وان يقيد ذلك بما إذا نقلت تلك الألفاظ عن معانيها اللغوية إلى المعاني الشرعية، وأما إذا كان ثبوتها لا بهذا النحو بل بنحو الاشتراك فلا يتم ذلك بل يحكم بالجمال، ولا يبعد دعوى كونها بنحو النقل على تقدير الثبوت. هذا كله إذا علم تاريخ الاستعمال.
وأما إذا جهل التاريخ، فتارة يكون زمان الاستعمال معلوما وزمان النقل مجهولا،