فمع كون المعلوم واحدا، لا يعقل تعداد العلم. والتعدد الاعتباري، لا يجدى في تكثر العلم.
وكون أحد العلمين، معلولا لاخر. وان شئت قلت: ان استعمال شئ في شئ، عبارة عن احضاره في ذهن السامع، لينتقل ذهنه إلى المستعمل فيه. وفي المقام، لا مورد للانتقال الثاني. فلا يكون من الاستعمال في شئ مع أن الدال، انما هو ذات الشئ لا بقيد انه لفظ صادر. وبعبارة أخرى، هذه الحيثية الاعتبارية ليست دخيلة في الدلالة كي توجب التعدد.
وقد ذكر المحقق الأصفهاني (ره) في وجه تصحيح كلام المحقق الخراساني وجها دقيقا لا يخلو ايراد عن فائدة، وحاصله يتوقف على مقدمات:
الأولى: ان الشوق، يستحيل تحققه مطلقا وبلا متعلق. ولابد في تحققه من تعلقه بمتعلق. ولا يعقل تعلقه تعلقه بالموجود الخارجي. إذ الخارج عن أفق النفس، لا يعقل ان يكون مقوما لما في النفس. ولا الموجود الذهني. إذ الشوق والعلم، صفتان متباينتان وفعليتان.
ويستحيل تقوم فعلية بفعلية آخر. فان كل فعلية، تأبى عن فعلية أخرى مع أن الشوق ليس متعلقا بالموجود الذهني بالوجدان. فلابد وان يتعلق بالماهية المعراة عن الوجود الخارجي والموجود الذهني. ويتعلق الشوق بها، تكون الماهية موجودة بالوجود الشوق. كما توجد في الخارج بالوجود الخارجي، وفي الذهن بالوجود الذهني.
الثانية: ان استعمال كل لفظ في معناه، يتقوم بإرادتين: أحدهما، تتعلق بايجاد المعنى باللفظ وابرازه به. وثانيتهما، تتعلق بايجاد اللفظ تكوينا. وهذه الإرادة ربما تنفك عن الأولى. كما إذا لم يكن المتكلم في مقام الاستعمال والحكاية عن الواقع.
الثالثة: ان عوارض الألفاظ ومحمولاتها ككون لفظ زيد ثلاثيا - كما تكون أوصافا للماهية الشخصية الموجودة الخارجية، كذلك تكون أوصافا للماهية الموجودة بالوجود الشوقي. لأنها، أوصاف لمهية الكيف المسموع على الفرض. وهي أينما تحققت تترتب عليها هذه الأوصاف.
إذا عرفت هذه المقامات، فاعلم. ان المتكلم إذا قال: زيد ثلاثي، وأراد منه شخص نفسه، تكون هذه المهية الشخصية بوجودها الخارجي، دالة على الموجودة بالوجود الشوقي. وبعبارة أخرى، يجعل اللفظ بوجوده الخارجي، فانيا في اللفظ