وجود الشروط وعدم الموانع يوجد، ومع وجود المانع أو فقد الشرط لا يكاد بتحقق.
وعلى هذا فمع تحقق المقتضى كان الظاهر ذلك الشئ ما وجد المانع ظهر منه خلاف ما كان يظهر من المقتضى، والى هذا يشير جملة من الاخبار:
روى العياشي عن الفضيل قال: موقوفة عنه الله يقدم ما يشاء ويمحو ما يشاء ويثبت منها يشاء، لم يطلع ذلك أحدا يعنى الموقوفة، فأما ما جاءت به الرسل فيه كائنة لا يكذب نفسه ولا نبيه ولا ملائكته 1. ونحوه غيره.
الرابع حيث عرفت أن العلم الأهلي يتعلق بالأشياء على واقعها، لان انكشاف الشئ لا يزيد على واقع ذلك الشئ، فإذا كان الواقع منوطا بمشيئة الله حسب ما تقتضيه المصالح والمفاسد كان العم متعلقا به على هذه الحالة، الا لم يكن العلم علما به على وجهه وانكشافا له على واقعه.
فيكون لله علمان: علم بالأشياء من جهة عللها التامة وهو العلم الذي لا بداء فيه أصلا، وله علم بالأشياء من جهة مقتضياتها التي موقوفة التأثير على وجود الشروط وفقد الموانع. وهذا العلم يمكن أن يظهر خلاف ما كان ظاهرا منه يفقد شرط أو وجود مانع.
والى هذا المعنى يشير كثير من الاخبار المروية عن المعصومين عليهم السلام، قال الإمام الرضا عليه السلام لسليمان المروزي في حديث: ان عليا (ع؟ كان يقول: العلم علمان: فعلم علمه الله ملائكته ورسله فما علمه ملائكته ورسله فان يكون ولا يكذب نفسه ولا ملائكته ورسله، وعلم عنده مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه يقدم منه ما يشاء ويؤخر ما يشاء ويمحو ويثبت ما يشاء 2.
وفي الكافي عن أبي بصير عبد الله عليه السلام: ان لله علمين: علم مكنون