صلاة العيد واجبة، أو بأن هذا المايع خمر محرمة فهو يرى أن المولى كأنه قد حضر عنده يطلب منه ترك ما قطع بحرمته وفعل ما قطع بوجوبه، فالمكلف القاطع الواقع في هذا المجال إذا فعل الأول وترك الثاني كان فعله وتركه هتكا لحرمة المولى وإساءة إليه عملا، كما كان ذلك في المعصية الحقيقية، وانكشاف الخلاف والخطأ في قطعه لا يؤثر في ارتفاع عنوان الهتك والإساءة وأمثالهما عن العمل الخارجي.
وبعبارة أخرى: أن حقيقة المعصية ليست تأثيرا للتكليف المجعول المولوي في العمل الخارجي تأثيرا تكوينيا طبيعيا، كيف والتكليف أمر اعتباري مجعول لا يترقب منه أثر خارجي؟! بل إن هذا الأمر المجعول حيث إنه قد جعله المولى إعمالا لمولويته فيجب على المكلف بحكم العقل إذا قام عنده الحجة عليه بالعلم به - مثلا - أن يمتثله، بمعنى: أنه لو لم يعتن به فبما أنه مظهر لمولوية المولى فقد أهان المولى واستحق عقابه، فالإهانة أيضا أمر عقلائي ينتزع من عمله الخارجي، لتعلقه بما هو مرتبط بالمولى، فهذه الإهانة واللامبالاة بطلب المولى المعلوم لديه هي المعصية الحقيقية.
وعليه، فإذا حصل عند المكلف من مقدمات القطع بالتكليف جميعها ومع ذلك لم يعتن بالتكليف المعلوم عنده فبمجرد عدم الاعتناء يكون عمله إهانة وإساءة بالمولى يستحق بها العقاب وإن تبين خطؤه في قطعه، لما عرفت من أن المعصية ليست تأثيرا وتأثرا خارجيين من ناحية طلب المولى، بل هي منتزعة من العمل إذا لم يبال بحضور المولى وطلبه، وقوام هذا الانتزاع بقطعه بطلب المولى، يعني:
أن القطع حيثية تعليلية تامة لانتزاعها عن العمل بما أنه مخالفة لذات، ما يقطع بأنه طلب المولى، فنحن أيضا لو جلسنا مجلس القاطع وكنا موضعه وفعلنا فعله لما كان فعلنا إلا لا مبالاة بحرمة المولى وهتكا لها، وكان قطعنا موجبا لصدق عنوان الهتك والتجري على عملنا، فالعمل الذي بنفسه معصية المولى عند القاطع ويفعله بالمبادئ الإرادية الموجودة في نفسه يكون عملا إراديا وهتكا للمولى،