التام، كما إذا احتمل الوجوب والحرمة وغيرها من الأحكام، فجعل مطلق موارد عدم إمكان الاحتياط مجرى التخيير - كما في بعض نسخ أول الفرائد، وفي أول مبحث البراءة منه - مما لا وجه له.
الرابع: أنه ينبغي التنبه لنكتة، هي: أن القول بأصالة التخيير مبني على أن مجرد العلم الإجمالي بوجود التكليف الإلزامي مانع عن إجراء الأصول النافية في أطراف العلم، وإلا فلو كان المانع منحصرا في استلزامه لتجويز المخالفة العقلية للتكليف المنجز. لما كان لهذا الأصل مجرى أصلا وببالي أن الشيخ الأعظم (قدس سره) صرح بذلك في مبحث أصالة التخيير.
إذا عرفت هذه الأمور تعرف أن الأولى في ضبط مجاري الأصول الأربعة أن يقال: إن من لم يقم عنده طريق معتبر على خصوص حكم المورد: فإما أن يلاحظ في الحكم الشرعي الحالة السابقة أم لا، فالأول مجرى الاستصحاب، والثاني: إما ان يكون المشكوك فيه الحكم الإلزامي، أو غيره، فالثاني ليس مجرى الأصول الثلاثة الباقية، والأول: إما أن يقوم دليل معتبر على أصل التكليف الإلزامي سواء أكان قطعا أم أمارة أم استصحابا - مثلا - أو دليل خاص على الاحتياط أم لا، فالثاني مجرى البراءة، والأول إن أمكن فيه الاحتياط فهو مجرى أصالة الاشتغال، وإلا فمجرى أصالة التخيير.
وهذا البيان - كما عرفت - مبني على القول بأصالة التخيير، وإلا كان التقسيم غير ذلك، كما لا يخفى.
ومما ذكرنا تعرف أن حصر مجاري الأصول الأربعة في ما ذكروه غير صحيح، فضلا عن أن تكون عقليا، لما عرفت من أن الاستصحاب يجري في الموضوعات والأحكام الغير الإلزامية، وسائر الأصول لا يجري فيها. نعم، لو جعلنا موضوع البحث خصوص التكاليف الإلزامية لكان لما ذكروه وجه، إلا أنه لا وجه صحيح للتخصيص.
* * *