عقلائي وحجة وبرهان على شئ فهو مقبول منه، وحجة له، والمراد بالظن وما ليس به علم وأمثال ذلك إنما هو مالا حجة عقلائية عليه، والطرق العقلائية حجج وبراهين عندهم، فهي ليست من الظنون ولا مما ليس به علم، بل كما أن العقلاء أنفسهم يعبرون عن هذه الطرق بأسباب العلم فكذلك هي في القرآن الشريف أيضا ليست من مصاديق الظنون، فلا تدل الآيات على الردع عن الطرق العقلائية أصلا، بل تدل على حجيتها كحجية العلم بما هي من الأسباب المورثة له، كما لا يخفى.
وبعد ما عرفت فلا حاجة ولا يصح الجواب عنها بأنها عمومات مخصصة بأدلة حجية الأخبار - كما في رسائل الشيخ الأعظم (قدس سره) - إذ لا عموم لها كما عرفت، ولو كان لها عموم فكيف يخصص مثل قوله تعالى: " إن الظن لا يغني من الحق شيئا ".
أو بأن المتيقن منها غير صورة انسداد باب العلم بالأحكام - كما في حاشية المحقق الخراساني (قدس سره) - فإن المدعى الحجية الأخبار يقول بها حتى في زمان انفتاح باب العلم وزمن أئمة الدين (عليهم السلام) أيضا.
أو بأن أدلة اعتبار الخبر حاكمة عليها، إما لدلالتها على أن مؤدى الخبر بمنزلة الواقع - كما في الدرر - أو لدلالتها على أن الظن الحاصل منه علم في عالم التشريع - كما في تقريرات العلامة النائيني - فإن الحكومة قوامها بلسان الدليل الحاكم، وليس فيها أثر من شئ من نحوي الحكومة، ومثل قوله (عليه السلام): " ما أدى عني فعني يؤدي " (1) ليس أزيد من التأكيد على صدقه، كما يراه العقلاء أنفسهم أيضا في أخبار الثقات، وسيأتي توضيحه إنشاء الله تعالى.
أو بان المتيقن منها الأصول الاعتقادية - كما في الكفاية - فإنه مبني على أن من مقدمات الإطلاق أن لا يكون قدر متيقن في مقام التخاطب، وهو ممنوع، مضافا إلى أنه كيف ينكر عموم مثل قوله تعالى: " إن الظن لا يغني من الحق