المسيح عيسى بن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا) * (1). فقد جعل قولهم بقتل المسيح اتباعا للظن ولما ليس لهم به علم.
الطائفة الثالثة: وردت على عنوان الظن: إما بأنه لا يغني من الحق شيئا، وإما بالنهي والزجر عن اتباعه، فقد ورد في أهل الشرك قوله تعالى: * (وما يتبع أكثرهم إلا ظنا، إن الظن لا يغني من الحق شيئا) * (2) وقوله تعالى: * (إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى) * (3) وقال تعالى في بعض اختلاقاتهم: * (إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى * ومالهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا) * (4). إلى غير ذلك من الآيات وهي كثيرة جدا، وقد دلت الآية الأخيرة على أن اتباع الظن شامل لبعض الأقوال الباطلة والاختلاقات الكاذبة، كما في آية النساء وغيرها أيضا.
وبيان الاستدلال بجميع الطوائف واضح، فإن كل أمارة ظنية - خبرا كانت أو غيره - مصداق للظن وغير العلم، فالقول به واتباعه غير جائز ولا يجوز الاستطراق به، فإنه لا يغني من الحق شيئا.
والحق أن في نفس هذه الآيات المباركات قرائن واضحة تشهد بأن المراد بما ليس به علم وبغير العلم وبالظن معنى مقابل الطرق المعتبرة العقلائية، فلا دلالة فيها على المنع عن العمل بالطرق العقلائية أصلا.
ويمكن تقسيم هذه القرائن إلى أقسام ثلاثة، وقبل بيانها لا بأس بذكر نكتة، هي: أن أكثر هذه الآيات واردة في مسألة الاشتراك بالله تعالى، كما مرت الإشارة إلى ذيل بعضها، ومن هنا نتمكن أن نستفيد من سائر الآيات الواردة في هذا المضمار فنقول: