وفي مرسلة ابن بكير، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث قال: " إذا جاءكم عنا حديث فوجدتم عليه شاهدا أو شاهدين من كتاب الله فخذوا به، وإلا فقفوا عنده، ثم ردوه إلينا حتى يستبين لكم... الحديث " (1).
والإنصاف أن الصحيحة والموثقة دلتا على أن كل حق فعليه أمارة دالة على أنه حق، ودلتا على أن من مصاديق هذه الأمارة كون الشئ موافقا لكتاب الله، إلا أنهما لم تدلا على انحصار الأمارة في موافقة الكتاب، وحينئذ فلا بأس بأن يكون من مصاديقها كون الناقل والراوي له ثقة معتمدا عليه، الذي قال المعصوم في بعض أفراده: " ما أدى عني فعني يؤدي ". وأما المرسلة فهي باطلاقها تشرط الأخذ بالحديث بموافقة الكتاب، إلا أنها غير معتبرة السند، وقابلة للتقييد بما إذا لم يكن راويه بشرائط القبول.
وطائفة ثانية من هذه الأخبار يقرب مضمونها لمضمون الطائفة الأولى، إلا أنها واردة في الأخبار المتعارضة، مثل ما رواه ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن اختلاف الحديث، يرويه من نثق به ومنهم من لا نثق به؟ قال: " إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب الله أو من قول رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وإلا فالذي جاءكم أولى به " (2). ومثله خبر الحسن بن الجهم المروي عن الاحتجاج (3).
والظاهر أنه لا إطلاق لمثلهما يشمل صورة عدم التعارض.
ويوجد في الباب أخبار أخر قريبة المضمون منهما، واختصاصهما بالأخبار المتعارضة أوضح، وتحقيق البحث عنها موكول إلى مبحث التعادل والترجيح.
وطائفة ثالثة تدل على أن ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف.
ففي صحيحة أيوب بن الحر: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، يقول: " كل شئ