نعم، إذا كان عالما بغفلته حين حدوث الحادثين، وإنما عرض له العلم أو ما هو بمنزلته بحدوثهما بعده، وكان شاكا من أول الأمر في المتقدم والمتأخر منهما، كأن قامت البينة أو شهادة جمع توجب العلم على أن ثوبه قد أصابه دم وأنه قد غسل بماء يطهر المتنجس ولم يتبين له المتقدم منهما والمتأخر فالظاهر أن احتمال انفصال زمان شكه عن زمان يقينه غير متأت فيعم أدلة الاستصحاب كلا المتيقنين، لتمامية أركانه فيهما، إلا أن الأصلين يتساقطان بالتعارض في جميع صوره.
والوجه فيه: أنا إذا التفتنا إلى كل من الغسل وملاقاة الدم نعلم بأن الثوب كان بعد الأول طاهرا وبعد الثاني نجسا، واحتمال التقدم والتأخر في كل منهما يوجب الشك في بقائه، فيعمه أدلة الاستصحاب ويتساقطان بالتعارض، من دون فرق بين معلوم التأريخ وغيره، فإن غاية الأمر أن العلم بالتأريخ يوجب معلومية زمان المعلوم إجمالا، من دون أن يوجب خروج مجهول التأريخ عن أنه أيضا متيقن التحقق في واقع زمان حدوثه، فهو أيضا متيقن الوجود مشكوك البقاء، يعمه أيضا أدلة الاستصحاب، فيقع بينهما التعارض.
وعن سيدنا الأستاذ (قدس سره) في رسائله التفصيل بلزوم الأخذ بضد الحالة السابقة على الحادثين في مجهولي التأريخ وفي معلوم التأريخ الذي كان المعلوم ضد الحالة السابقة، وفي غيرهما يتساقط الأصلان بالتعارض.
وعمدة الوجه الذي دعاه إلى هذا التفصيل أنه لما كانت الطهارة الحدثية والخبثية والنجاسة والحدث من الأمور التي لا يؤثر في حدوثها إلا السبب الأول لها المزيل للحالة المضادة قبلها، فالوضوء على الوضوء كالغسل على الغسل لا يؤثر في حدوث الطهارة حدثا ولا خبثا، كما أن الحدث على الحدث وإصابة النجس بعد الإصابة الأولى لا يؤثر حدثا ولا نجاسة جديدة، ولذلك فالحالة التي كانت معلومة بالتفصيل قبل عروض الحادثين قد علم زواله بحدوث الحادث المقتضي لضدها، وحدوث فرد آخر منها مشكوك، فلا يقين لنا بها حتى يحكم ببقائها بالاستصحاب، بخلاف الحالة المضادة لها، فإنها قد حدثت قطعا، سواء