الفرد. وأما إن كان منفصلا عنه بعد أن انعقد للعموم ظهوره فلهذا العام ظهوران:
ظهور في إرادة جميع الأفراد، وظهور آخر في أن الحكم المتعلق بالأفراد سار في جميع الأزمان. وإذا احتملنا في هذا الدليل المنفصل أن يكون موضوعه قد خرج عن العموم الأفرادي وأن يكون قد خرج عن الإطلاق الأزماني فقد علمنا علما إجماليا بورود التصرف على أحد الظهورين، وليس أحدهما أولى من الآخر، بل إن أصالة الظهور في كل منهما تعارض الأخرى وتتساقطان بالتعارض.
نعم، لو كان الإخراج من الأثناء، أو كان محكومية الفرد بحكم العام في ما بقي من الأزمنة معلوما في الجملة، وإن لم يعلم مبدأ جريان حكمه عليه - كما لو شك في منتهى خيار الحيوان أو في خيار الغبن أنه على الفور أو التراخي - فإنه لا ريب في أنه بعد مضي زمان حاو لجميع الاحتمالات، كأن أسقط ذو الخيار خياره بعد الاطلاع عليه، فلا ريب في أن البيع بعده محكوم بوجوب الوفاء به.
فبالجملة: ففيما ثبت محكومية الفرد بحكم العام في الجملة فقد ثبت أن العموم الأفرادي لم ينتقض، وإنما انتقض العموم أو الإطلاق الأزماني، ومن الواضح أنه يعامل معهما معاملة سائر العمومات والإطلاقات، وأنه يرفع اليد عنهما فيما قامت الحجة عليه، ويرجع إليهما فيما لا حجة فيه، فيرفع اليد عنهما بالنسبة ليوم الجمعة أو الزمان الذي تيقن ثبوت الخيار فيه، ويرجع إليهما في غير الجمعة، وبعد مضي الزمان المتيقن، فيكون اللازم في الدليل المنفصل على الإخراج التفصيل بين أن يكون الإخراج من الأول وغيره بعدم جواز الرجوع إلى العام في الأول والرجوع إليه في غيره، عكس ما في الكفاية.
فهذا الذي أوردناه عليه حين تقريره (قدس سره) لمرجعية العام عند بحثه عن مكاسب الشيخ الأعظم في السادس من تنبيهات المعاطاة، كما أوردنا به على سيدنا الأستاذ المحقق الداماد (قدس سره) عند بحثه عن تنبيهات الاستصحاب.
والحق في الجواب أن يقال: لما كان محل الكلام هو التصرف في العام بدليل منفصل فلا محالة كان مفروضه في المثال أنه قد صدر عن المولى في مقام تعيين