وظيفة العبيد قوله: " أكرم العالم أو العلماء " وتم كلامه وفرغ عنه، وحينئذ فقد جرت بالنسبة إليه أصالة الإطلاق أو العموم الأفرادي، وأصالة الإطلاق الأزماني، وكان جريان الأصلين كليهما في مسير الكشف عن مراد المولى المتكلم، فبعد ذلك إذا قال: " لا تكرم زيدا العالم " وفرضناه مخصصا أو مقيدا لعمومه أو إطلاقه الأفرادي فكما أنه يوجب تصرفا في أصالة الإطلاق أو العموم الأفرادي فهكذا يوجب التصرف في الإطلاق الأزماني، إذ المفروض - كما عرفت - جريان الأصل فيه، ومعلوم أنه لا يمكن التحفظ عليه مع فرض هذا المخصص.
فالمقدمة القائلة بأن التصرف في كل من الأصلين الأفرادي والأزماني لا يوجب التصرف في الآخر ممنوعة، فإن تقييد الإطلاق الأزماني وإن لا يستلزم تصرفا في العموم أو الإطلاق الأفرادي إلا أن العكس يستلزمه، والسند ما ذكرناه، وحينئذ فإذا دار أمر الدليل المخرج بين أن يكون واردا على الإطلاق أو العموم الأفرادي أو الأزماني، فالقدر المتيقن والمعلوم بالتفصيل وقوع هذا التصرف في الإطلاق أو العموم الأزماني، وأما وقوعه في الأفرادي فمشكوك من الرأس، كوقوعه في الأزماني بالنسبة إلى غير الزمان المتيقن فانحل ذاك العلم الإجمالي ولم تقم حجة على الخلاف فيهما، ومقتضاهما جريان حكم العام في غير ذاك اليوم من الأيام. والحمد لله وحده.
ثم مع الغض عنه وتسليم أن التصرف في الأصل الأفرادي لا يستلزم تصرفا في الأصل الأزماني فيمكن الجواب عنه بما أفاده سيدنا الأستاذ (قدس سره) في رسائله، وذكرناه نحن أيضا في ما علقناه على تقرير بحث مكاسبه (قدس سره):
تارة بأن الأصل الأزماني بالنسبة إلى الزمان الذي خروج الفرد فيه عن حكم العام يقيني لا يجري، وذلك أن مراد المولى فيه معلوم، والأصول اللفظية العقلائية إنما تجري في مقام كشف مراد المولى، فبالنسبة لهذا الزمان لا تجري، لأصالة الإطلاق أو العموم الأزماني، فيخرج أصالة العموم أو الإطلاق الأفرادي عن كونها طرفا للعلم الإجمالي بإرادة خلاف الظاهر، بل أصل التصرف فيها مشكوك