عدم الكرية وبقاء القلة إلى زمان الملاقاة، ويكون الماء مصداقا لدليل " الماء القليل ينجس بالملاقاة "، ولا يجري استصحاب عدم الملاقاة إلى زمان حدوث الكرية لاحتمال أن يكون متأخرا عن الساعة الثامنة أو في رأسها، وفيهما نتيقن بالملاقاة، وليس رفع اليد عن عدمه حينئذ نقضا لليقين بالشك، بل بيقين آخر.
فلا بد من التفصيل في مجهول التأريخ بما ذكرنا، إلا أن يعد المورد الأخير قسما من معلوم التأريخ، بأن يقسم معلوم التأريخ إلى ما علم تأريخه إجمالا وما علم تفصيلا.
فإن قلت: إن وجود كل من الحادثين أو أحدهما في الزمان المزبور وإن كان يقينيا إلا أنه لعدم تعينه بالخصوص لأن يكون حدوثه فيه، بل يحتمل تقدم حدوثه فلا محالة يكون حدوث الحادث الآخر في زمان حدوث هذا الحادث مشكوكا يحكم عليه ببقائه على العدم السابق في زمان حدوث هذا الحادث.
قلت: كلا وحاشا!! فإن دليل الاستصحاب إنما يدل على جر المستصحب والحكم ببقائه في نفس الزمان وفي وقت الشك، وليس مدلوله الحكم ببقاء شئ مقيسا إلى الآخر، فالبقاء المدلول به عليه بقاء نفسي لا قياسي، ولذلك لا يجري الاستصحاب في معلوم التأريخ منهما، وإلا أمكن فيه أيضا أن نقول: إنه إذا قيس إلى زمان حدوث مجهول التأريخ فنفس تحققه في ذاك الزمان مشكوك كما نحن فيه بعينه، فأمكن لنا أن نحكم بأنه معدوم إلى زمان حدوث مجهول التأريخ بحيث كان زمان حدوثه ظرفا لا قيدا حتى يقال بأنه لا حالة سابقة يقينية له.
هذا كله في مجهول التأريخ.
وأما إذا كان تأريخ حدوث أحدهما معلوما دون الآخر، كأن علم حدوث الملاقاة في الساعة الثامنة ولم يعلم تأريخ حدوث الكرية واحتمل تأخره عنها فلا ريب في إجراء استصحاب القلة إلى زمان الملاقاة، ودخول الماء في الدليل الاجتهادي الحاكم بنجاسة كل قليل بملاقاة النجاسة.
وأما معلوم التأريخ فلا وجه لإجراء الاستصحاب فيه، فإن زمان حدوثه