لابد منه، فإن تعليق الحكم على أمر وجودي يقتضي إحرازه في ترتب الحكم عليه، ومع الشك فيه يبني على عدم الحكم، فلا بد من الحكم بالنجاسة مطلقا. نعم، لولا التعليق على الأمر الوجودي لكان ينبغي الرجوع إلى قاعدة الطهارة عند العلم بتأريخ الكرية (1). انتهى كلامه (قدس سره).
أقول: إن هذا المنقول لا يخلو عن تهافت، ويرد عليه وجوه من الإيراد:
أما التهافت فلأن صريح صدره أنه لا يجري - الاستصحاب في جميع صور هذا الفرض - وهو الذي يقتضيه عنوان بحثه وفرضه، مع أنه صرح بعد أسطر في مقام بيان حكم صورة العلم بتأريخ الملاقاة بقوله: (فإن أصالة عدم الكرية إلى زمان الملاقاة تقتضي عدم تحقق موضوع الطهارة) - فإن ظاهره أن هذا الأصل يجري ويحكم بعدم تحقق موضوع الطهارة الذي يلزمه عدم تحقق حكمها.
وأما الإيرادات فيرد عليه: أولا: أن ظاهر قوله (عليه السلام): " إذا بلغ الماء قدر كر لا ينجسه شئ " وحدة زمان بلوغ الكرية وعدم تنجسه، فإن لفظة " إذا " تدل على الزمان، وهي ظرف عدم التنجيس المذكور وقد أضيفت إلى جملة الشرط، ومقتضاها تخصصها بأنه زمان بلوغه قدر الكر، فلا محالة يكون نفس زمان بلوغه قدر الكر طرفا لما يعبر عنه بالجزاء، فكان زمان كلتا الجملتين واحدا.
وما أفاده من لزوم تقدم الموضوع على الحكم فهو تقدم رتبي عقلي لا ينافيه اجتماعهما في آن وزمان واحد، كما هو واضح عند أهله.
وثانيا: بعد تسليم لزوم هذا السبق الزماني أنه لا يعتبر في جريان الاستصحاب أزيد من كون المستصحب بنفسه وظيفة شرعية، أو كونه موضوعا لها، ومجرد أن لا يثبت باستصحاب أثر خاص لا يمنع عن جريانه إذا كان المفروض ترتب أثر شرعي آخر عليه، وهو واضح، ففيما نحن فيه إذا علم تأريخ الملاقاة فاستصحاب بقاء القلة وعدم الكرية إلى زمان الملاقاة يوجب إدراج الماء