وهكذا الأمر على مبنى القوم، فإن الأحكام الشرعية لما كانت مترتبة على العناوين الكلية فلا محالة يكون أثر المتيقن الذي يدل الاستصحاب على التعبد به بقاء يراد به الآثار التي يترتب عليه بما أنه مصداق لهذه العناوين الكلية، وهاهنا أيضا لا فرق بين العناوين التي بالنسبة لمصاديقها من قبيل الذات والذاتيات وما كان محمولا بالضميمة أو الخارج المحمول.
وأما ما في الكفاية من استثناء ما كان من الأعراض من قبيل المحمول بالضميمة - كالسواد والبياض - فيرد على ظاهره: أن مبدأ الاشتقاق فيه وإن كان مغايرا للموصوف إلا أنه كذلك في الخارج المحمول أيضا، فإن الإمكان مغاير في المفهوم للموصوف به، لكنه لا ينافي أن يكون العنوان المحمول عليه كالأسود والأبيض والممكن متحدا معه، كما لا يخفى.
الثانية: قد عرفت أن كل الملاك في جريان الاستصحاب في غير الأحكام أن يكون مصداقا لكلي واقع في كبرى شرعية، كما أوضحناه في استصحاب خمرية مشكوك الخمرية ونزيد في توضيحه هنا بأنه لا يشترط فيه أن يكون الكلي المنطبق عليه موضوعا في هذه الكبرى، بل مجرد وقوع هذا الكلي في هذه الكبرى ولو بأن يكون قيدا ما لبعض ما وقع فيها كاف لجريان الاستصحاب فيه، وذلك أن الاستصحاب إذا حكم على شئ بأنه مصداق لذاك الكلي، فلا محالة يعمه الكبرى المشتملة على ذكر الكلي المذكور ويجري حكمه عليه، ويثبت الأثر المطلوب من ذاك الكلي فيه.
فلو كان لنا دليل على أنه " يجب صلاة ركعتين بكيفية خاصة عند قبر العالم " ثم شك في بقاء عنوان العالمية لزيد، وحكم بالاستصحاب بأنه عالم فلا محالة يعمه الدليل المذكور، ويقتضي جواز امتثال ذاك التكليف بالصلاة عند قبر زيد أيضا، وهكذا.
ومن هذا القبيل استصحاب وجود الشرط أو المانع ونحوهما، فإن أدلة شرطيته أو مانعيته بعد إثبات وجوده بالاستصحاب تعمه ويجري عليه حكم