والجواب عنه حينئذ ما أفاده المحقق الخراساني في التعليقة: من أن عموم دليل الاستصحاب يرفع الشك تعبدا، ويجعلنا موقنين بعدم الحجية والطريقية، فيترتب الحكم بما أنه ليس بطريق ولا حجة، لا بما أنه مشكوك الطريقية والحجية.
والصحيح في الإيراد على هذا الاستصحاب: أنه لا مجال له مع وجود عموم مثل قوله تعالى: * (إن الظن لا يغني من الحق شيئا) * (1) فإنه دليل اجتهادي يحكم على كل ظن بأنه لا يغني من الحق شيئا، لا في ثبوت طريق إلى الحق حتى يجوز إسناد مفاده إليه تعالى، ولا في تنجز التكليف أو إسقاطه به، ومن المعلوم أنه مع الدليل الاجتهادي لا يصل النوبة إلى الأصول العملية.
وأورد الشيخ الأعظم على تقرير الاستصحاب: بأن حرمة العمل بالظن يكفي في موضوعها عدم العلم بورود التعبد، من غير حاجة إلى إحراز عدم ورود التعبد به ليحتاج في ذلك إلى الأصل ثم إثبات الحرمة. " انتهى ".
وفيه: أن حرمة الإسناد موضوعها عدم العلم بأن الحكم الكذائي كحرمة شرب التتن مما شرعه الله تعالى، وليست مترتبة، لا على عدم ورود التعبد بالظن المشكوك الطريقية، ولا على عدم العلم بورود التعبد به، بل لو ورد التعبد بطريقية ظن جاز إسناد مؤداه إلى الله تعالى، ولو لم يرد أو لم يعلم وروده لكان جواز الاسناد الذي يترتب على طريقية هذا الظن منتفيا، وهو - كما ترى - أعم من حرمة الاسناد، وموضوع الحرمة أيضا - كما عرفت - هو عدم العلم بتشريع ذاك الحكم مثلا، من غير أن يترتب على عدم ورود التعبد بذاك الظن ولا على عدم العلم به، فلا يمكن إثبات هذه الحرمة من العلم بعدم ورود التعبد بهذا الظن فضلا عن عدم العلم به (2).