يشاء " عز وجل. فلما غزا المسلمون فارس وفتحوها فرح المسلمون بنصر الله عز وجل، قال: قلت: أليس الله عز وجل يقول: " في بضع سنين " وقد مضى للمؤمنين سنون كثيرة مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وفي أمارة أبي بكر، وإنما غلب المؤمنون فارس في أمارة عمر؟! فقال: ألم أقل لكم إن لهذا تأويلا وتفسيرا، والقرآن يا أبا عبيدة ناسخ ومنسوخ، أما تسمع لقول الله عز وجل: " لله الأمر من قبل ومن بعد " يعني إليه المشيئة في القول أن يؤخر ما قدم ويقدم ما أخر في القول إلى يوم يحتم القضاء بنزول النصر فيه على المؤمنين، فذلك قوله عز وجل:
" ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء " أي يوم يحتم القضاء بالنصر (1).
فتراه (عليه السلام) قد بين المصداق الذي أريد من الغلبة في قوله تعالى: " وهم من بعد غلبهم سيغلبون " بأن المراد منها: هي الغلبة المتحققة في أمارة عمر، وأن قوله تعالى " لله الأمر من قبل ومن بعد " أريد منه ما نعبر عنه بالبداء، وقد حصل هذا البداء في ما دل عليه قوله " بضع سنين "، فإن البضع أقل من عشر، وقد وقعت هذه الغلبة بعد أكثر من عشر سنوات، فقد بدا لله تعالى في البضع، وغلب المؤمنون فارس في أمارة عمر. وكيف كان فقد سمى هو (عليه السلام) هذا البيان للمصداق تفسيرا وتأويلا وهو (عليه السلام) قد ذكر في أول الكلام: " أن لهذا تأويلا لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم " وأشار إليه وأكده ثانيا في آخر مقاله بقوله: " ألم أقل لك إن لهذا تأويلا وتفسيرا "، ففي كلامه (عليه السلام) دلالة واضحة على وحدة المراد بالتفسير والتأويل، وهي مما يحتمله لفظهما، إذ التأويل ما يؤول إليه أمر الشئ، وهو المصداق الذي يراد من المفهوم، والتفسير هو كشف المغطى، والمصداق يكشف الغطاء عن الإبهام الذي في المفهوم من هذه الجهة.
ثم إن الظاهر أن هذا التفسير منه (عليه السلام) مبني على أن القراءة " سيغلبون " مبنيا للمجهول، وإلا فلو كان مبنيا للفاعل كما هي القراءة المعروفة فلا محالة يرجع